إذا كان هناك فيتامين لا يحظى بالاهتمام الكافي رغم ضرورته لكل جهاز في الجسم تقريبًا، فهو فيتامين د. يُعرف بـ”فيتامين الشمس”، ولكنه أكثر من مجرد عنصر يدعم صحة العظام. حيث يلعب دورًا مهمًا في وظائف المناعة، مستويات الطاقة، المزاج، الخصوبة، صحة الشعر، بل وحتى الوظيفة الجنسية.

هذه المدونة ستساعدك على فهم:

  • كيف يعمل فيتامين د
  • لماذا هو مهم
  • ما الكمية التي تحتاجها
  • ماذا تفعل إذا كنت تعاني من نقص فيه؟

سواء كنت تبحث عن تعزيز صحتك العامة أو تعاني من تعب غير مبرر، تساقط الشعر، أو ألم في المفاصل، فهذه المدونة موجهة إليك.

ما هو فيتامين د ولماذا هو مهم؟

فيتامين د هو فيتامين دهني يذوب في الدهون، يستطيع الجسم إنتاجه ذاتيًا لكن فقط عند التعرض الكافي لأشعة الشمس. يتميز بأنه يعمل في الجسم كهرمون ويؤثر على مئات الجينات وينظم عمليات حيوية أساسية في الجسم.

وظائف فيتامين د الرئيسية تشمل:

  • دعم صحة العظام من خلال تنظيم امتصاص الكالسيوم
  • تقوية جهاز المناعة وتقليل الالتهاب
  • دعم الصحة النفسية
  • المساعدة في وظيفة العضلات وتنظيم أيض الجلوكوز

فيتامين د وسكر الدم:

  1. يعزز إنتاج الأنسولين وحساسية الجسم له
    تحتوي خلايا البنكرياس – وبالخصوص الخلايا المنتجة للأنسولين – على مستقبلات فيتامين د. وجود مستويات كافية منه يعزز فعالية هذه الخلايا في إفراز الأنسولين استجابةً لارتفاع مستويات الجلوكوز.
    كما يزيد من حساسية خلايا الجسم للأنسولين، مما يُسهّل دخول الجلوكوز إلى العضلات والكبد.
    النتيجة: استقرار أفضل لمستوى السكر في الدم وتقليل خطر مقاومة الأنسولين ومرض السكري من النوع الثاني.
    وقد أظهرت دراسات رصدية أن الأشخاص الذين يعانون من نقص فيتامين د أكثر عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني. ورغم أنه ليس علاجًا مباشرًا، إلا أن مستوياته الجيدة قد تكون عاملاً وقائيًا ضمن نمط حياة صحي.
  2. يقلل من الالتهابات
    الالتهاب المزمن أحد العوامل المساهمة في مقاومة الأنسولين. لفيتامين د خصائص مضادة للالتهاب، مما يدعم عمليات التمثيل الغذائي المتوازنة للجلوكوز بشكل غير مباشر.

فيتامين د وضغط الدم:

  1. يقلل الالتهاب في الأوعية الدموية
    الالتهاب الخفيف في الشرايين قد يجعلها أقل مرونة، وأقل استجابة، ويزيد احتمالية تراكم اللويحات الدهنية التي تضيق مجرى الدم وتزيد من الضغط الواقع على جدران الأوعية الدموية.
    فيتامين د يساعد على:
    • تقليل علامات الالتهاب في الدم
    • منع بطانة الأوعية الدموية من التلف وفقدان الوظيفة
  2. يحسن مرونة وتدفق الأوعية الدموية
    الشرايين الصحية يجب أن تتمدد وتتقلص بانسيابية. عندما تصبح صلبة، يزيد العبء على القلب، مما يرفع ضغط الدم. فيتامين د يدعم مرونة الأوعية الدموية.
  3. يدعم وظيفة الكلى
    الكليتان تنظم ضغط الدم عبر التحكم في السوائل والصوديوم. ولفيتامين د مستقبلات داخل الكلى، ما يدعم دورهما في ضبط ضغط الدم.

فيتامين د والحمل:

خلال الحمل، تزداد الحاجة إلى فيتامين د لأنه:

  • يعزز امتصاص الكالسيوم والفسفور، لتكوين عظام وأسنان الجنين
  • يدعم المناعة لكل من الأم والجنين
  • يساعد على ضبط ضغط الدم ويقلل من خطر تسمم الحمل: من خلال دعمه لتنظيم الأوعية الدموية والتحكم في احتباس السوائل، بالإضافة إلى دوره في ضبط الجهاز المناعي لمنع خلايا جسم الأم من رفض الجنين كجسم غريب. كما أنه يؤثر على تطور المشيمة والتصاقها بالرحم: ضعف هذا الالتصاق هو أحد أسباب تسمم الحمل
  • يقلل احتمالية الإصابة بسكري الحمل
  • قد يُحسن الحالة النفسية للأم ويقلل خطر الاكتئاب بعد الولادة

مستويات فيتامين د في الجسم

< 20 نانوغرام/مل – نقص حاد
20–29 نانوغرام/مل – نقص غير كافٍ
30–60 نانوغرام/مل – طبيعي 

100 نانوغرام/مل – مفرط / سام

نقص فيتامين د:

رغم أهميته، فإن نقص فيتامين د واسع الانتشار جدًا. التغيرات في نمط الحياة – مثل قضاء وقت أطول داخل الأماكن المغلقة، واستخدام واقي الشمس الذي يمنع الأشعة فوق البنفسجية، والعيش في مناطق شمالية – كلها عوامل ساهمت في زيادة حالات نقص فيتامين د على مستوى العالم.

ما هي أسباب نقص فيتامين د؟

  • قلة التعرض لأشعة الشمس (خاصةً في الشتاء)
  • لون البشرة الداكن (الميلانين يقلل من تصنيع فيتامين د)
  • التقدم في العمر (تقل قدرة الجلد على إنتاج فيتامين د)
  • السمنة (يُحتجز فيتامين د داخل الأنسجة الدهنية)
  • اضطرابات الجهاز الهضمي مثل عدم تحمل الجلوتين أو كرون (ضعف الامتصاص)
  • أمراض الكلى أو الكبد المزمنة (تؤثر على تحويله إلى الصورة النشطة) 

هذه الأسباب تعد من أهم العوامل التي يجب الانتباه لها فيما يخص نقص فيتامين د.

أعراض نقص فيتامين د

غالبًا ما تكون أعراض نقص فيتامين د خفية ويسهل الخلط بينها وبين مشكلات صحية أخرى. لكن على المدى الطويل، يمكن أن تؤثر سلبًا على جودة الحياة. 

أعراض نقص فيتامين د الشائعة تشمل:

  • التعب وانخفاض الطاقة
  • ضعف العضلات
  • آلام المفاصل
  • تكرار العدوى
  • آلام العظام أو الكسور
  • تقلبات المزاج أو الاكتئاب
  • تساقط أو ترقق الشعر
  • بطء التئام الجروح
  • اضطرابات النوم
  • العقم أو ضعف الانتصاب 

قد يؤدي انخفاض مستوياته إلى حالات مزمنة مثل هشاشة العظام، اضطرابات المناعة الذاتية، وأمراض القلب والأوعية الدموية – مما يجعل الكشف المبكر أمرًا بالغ الأهمية.

علاج نقص فيتامين د

يعتمد العلاج على مدى انخفاض مستوى فيتامين د وما إذا كنت تعاني من حالات صحية أخرى كامنة.

طرق العلاج تشمل:

  • مكملات فيتامين د D2 أو D3، وغالبًا مع فيتامين K2 لتحسين تنظيم الكالسيوم
  • الأطعمة المدعّمة بفيتامين د مثل الحليب المدعّم والحبوب
  • الحصول على فيتامين د من الشمس من 10 إلى 30 دقيقة من التعرض لأشعة الشمس المباشرة وقت الظهيرة، عدة مرات في الأسبوع
  • وصفات طبية بجرعات عالية لحالات النقص الحاد ويجب أن تكون تحت إشراف طبي

فيتامين د والطعام: ماذا يجب أن تأكل؟

رغم أن أشعة الشمس هي المصدر الطبيعي الأفضل، يمكن للطعام أن يساعد في زيادة مستويات فيتامين د. لكن القليل من الأطعمة تحتوي عليه بشكل طبيعي.

أطعمة غنية بفيتامين د تشمل:

  • الأسماك الدهنية (السلمون، التونة، السردين)
  • صفار البيض
  • الكبد
  • منتجات الألبان المدعمة (مثل الحليب المدعّم بفيتامين د)
  • الحبوب والألبان النباتية المدعمة

فيتامين D و D3: ما الفرق بينهما؟

هناك نوعان رئيسيان من فيتامين د:

  • D2 (إرغوكالسيفيرول) – يوجد في المصادر النباتية
  • D3 (كوليكالسيفيرول) – يتم إنتاجه بواسطة الجلد ويوجد أيضاً في الأطعمة الحيوانية 

فيتامين D3 هو الأكثر فعالية في تحسين مستويات فيتامين د في الدم، وهو الصورة المفضلة في أغلب مكملات فيتامين د.

كيفية تناول مكملات فيتامين د بالشكل الصحيح

لتحقيق أقصى استفادة: 

  1. تناوله مع الطعام (ويُفضل مع طعام يحتوي على الدهون) 
  2. اختر D3 بدلاً من D2 (لأنه أكثر فاعلية) 
  3. يُفضل تناوله مع K2 لتوجيه الكالسيوم إلى العظام وليس إلى الشرايين 
  4. راقب مستويات فيتامين د بإعادة الفحص كل 3 إلى 6 أشهر إذا كنت تتناول المكملات

ما الذي لا ينبغي تناوله مع فيتامين د؟

فيتامين د آمن في العادة، لكن يجب الحذر من التالي:

  • الجرعات العالية من الكالسيوم مع فيتامين د قد تؤدي إلى ارتفاع الكالسيوم في الدم.
    أعراض ارتفاع كالسيوم الدم تشمل:
    • التعب والضعف
    • الغثيان أو القيء
    • فقدان الشهية
    • العطش الشديد أو التبول المتكرر
    • آلام أو تشنجات عضلية
    • ارتباك أو مشاكل في الذاكرة
    • عدم انتظام ضربات القلب
      في الحالات الشديدة، قد يؤدي إلى تكون حصوات في الكلى، آلام العظام، اضطرابات هضمية، ومشاكل في القلب أو الكلى إذا لم يتم علاجه.
  • تجنّب تناول المغنيسيوم أو الحديد على معدة فارغة مع فيتامين د – قد يتنافسان قليلاً على الامتصاص.

بخلاف ذلك، لا توجد مخاطر تُذكر عند تناوله وفق التعليمات.

أفضل وقت لتناول فيتامين د

متى يُفضل تناول فيتامين د؟

  • مع الوجبات، خاصة التي تحتوي على دهون (لأنه يذوب في الدهون)
  • لا يُفضل تناوله على معدة فارغة، لأن الامتصاص يكون أقل
  • بعض الأشخاص يفضلون تناوله في الصباح لزيادة النشاط، بينما يفضل آخرون الليل إذا شعروا بالنعاس بعده – الأمر يعتمد على تحملك الشخصي.

ماذا عن فيتامين د للأطفال الرضع؟

يوصى الأطباء بعدة قطرات من فيتامين د للرضع، خاصةً للأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية، لأن حليب الأم قد لا يحتوي على كمية كافية منه. ينصح معظم أطباء الأطفال بإعطاء 400 وحدة دولية يوميًا للرضيع بدءًا من الأيام الأولى بعد الولادة.
يساعد فيتامين د على نمو العظام الصحي، ويمنع الكساح، ويعزز جهاز المناعة في المراحل المبكرة من الحياة.

هل يمكن الحصول على كمية زائدة من فيتامين د؟

نعم، رغم أن ذلك نادر، إلا أن تسمم فيتامين د قد يحدث عند تناول جرعات كبيرة لفترات طويلة دون إشراف طبي. 

أعراض زيادة فيتامين د:

  • الغثيان والقيء
  • الضعف العام
  • حصوات الكلى
  • ارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم 
  • الارتباك أو عدم انتظام ضربات القلب الجرعة القصوى من فيتامين د:
  • لا تتجاوز 4,000 وحدة دولية يوميًا دون استشارة طبية، إلا إذا كنت تتلقى علاجًا لنقص موثّق.

العناصر الغذائية المرتبطة: فيتامين د مع K2، حمض الفوليك، المغنيسيوم، وغيرها

التركيبة كيفية عملهما معًا فوائد الجمع بينهما متى وكيف تتناولهما أمور يجب الانتباه لها 
فيتامين د + حمض الفوليك غالبًا ما يتم الجمع بينهما خلال الحمل. فيتامين د يدعم المناعة وصحة العظام، بينما حمض الفوليك يساعد في تركيب الحمض النووي وتطور الجنين. مثالي للعناية قبل الولادة. يدعم تكوين العظام، يقلل خطر التشوهات الخلقية، ويساعد في تنظيم المزاج. آمن لتناولهما معًا. يفضل تناولهما مع وجبة لتحسين الامتصاص. متوفر في أغلب فيتامينات الحمل. آمنان معًا بشكل عام. لكن حمض الفوليك بجرعات عالية قد يخفي نقص فيتامين B12 – لذلك يُنصح بفحص مستويات B12. 
فيتامين د + فيتامين C يعمل كل منهما على نظام مختلف: د يدعم العظام والمناعة، وC مضاد أكسدة قوي يعزز التئام الأنسجة ودفاعات المناعة. تعزيز المناعة، الحماية من الأكسدة، مقاومة أفضل لنزلات البرد والأمراض. فيتامين د يُفضل مع طعام يحتوي على دهون، وفيتامين C يمكن تناوله في أي وقت. التفاعل بينهما طفيف. فيتامين C قد يكون حمضيًا – إذا كانت معدتك حساسة، تناوله مع الطعام. 
فيتامين د + الزنك كلاهما يدعمان المناعة ولكن بطرق مختلفة. الزنك ضروري لإصلاح الخلايا ونشاط الخلايا المناعية، بينما ينظم فيتامين د الاستجابة المناعية. تعزيز أقوى للمناعة، تسريع التئام الجروح، وزيادة مقاومة العدوى. غالبًا ما يُدمجان في تركيبات دعم المناعة. الزنك يُفضل مع الطعام لتجنب الغثيان؛ فيتامين د مع الدهون لتحسين الامتصاص. لا تتناول الزنك بجرعات عالية لفترات طويلة – فقد يسبب نقص النحاس. التزم بالجرعات الموصى بها تحت إشراف طبي. 
فيتامين د + فيتامين B12 B12 يدعم صحة الأعصاب وأيض الطاقة، بينما يدعم فيتامين د العظام، المزاج، وتنظيم الهرمونات. لا يتداخلان في الامتصاص. يعزز الطاقة، يدعم الجهاز العصبي، توازن المزاج، وصحة العظام – مفيد بشكل خاص للنباتيين. آمن لتناولهما معًا، مع أو بدون طعام. يعملان جيدًا في المكملات المتعددة أو المنفصلة. راقب أعراض النقص لدى النباتيين – فقد يحتاجون إلى كميات أعلى من الاثنين معًا. 

الخلاصة

يُعد فيتامين د حجر الأساس للصحة العامة، ورغم ذلك فهو من أكثر العناصر الغذائية التي يتم تجاهلها أو عدم تشخيص نقصها بشكل كافٍ في العصر الحالي.
سواء كنت تعاني من انخفاض الطاقة، أو آلام غير مبررة، أو كنت فقط تسعى إلى تعزيز صحتك العامة، فإن فحص مستوى فيتامين د يُعتبر خطوة ذكية. 

خطة العمل المقترحة: 

  1. إجراء فحص دم (25-هيدروكسي فيتامين د) 
  2. استشارة طبيبك إذا كانت النسبة منخفضة 
  3. إدخال المكملات الغذائية والأطعمة الغنية بفيتامين د في نظامك 
  4. التعرض الآمن لأشعة الشمس 
  5. إعادة فحص المستويات بشكل منتظم 

اعتنِ بمستوى فيتامين د في جسمك، وسيشكرك جسدك بطرق قد تفوق توقعاتك.

مشاركه فى:

كتب بواسطة
د.رهف وجدي

كاتب محتوى طبي

الدكتورة رهف وجدي هي أخصائية أشعة نووية مصرية ومنشئة محتوى طبي تدمج خبرتها السريرية مع الإبداع الرقمي. تتمتع بخبرة تزيد عن خمس سنوات في كتابة المحتوى الطبي باللغتين العربية والإنجليزية، وهي مكرسة لتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وجعلها في متناول جمهور...

تمت مراجعته طبيا من قبل
د. دانيا أبوشويرب

استشاري طب اسرة

د/ دانيا أبوشويرب هي استشاري طب الأسرة بمستشفى ريم، لديها خبرة تتجاوز 15 عاماً من العمل مع حالات الاضطرابات العقلية، مثل: القلق، الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى المشاكل الجلدية والأمراض القلبية مثل مرض الضغط العالي، ارتفاع نسبة الدهون...

تواصل معنا

الموقع