هل سبق لك أن شعرت فجأة بتسارع في ضربات القلب دون سابق إنذار أو سبب واضح؟ قد يحدث ذلك خلال لحظة هادئة، أثناء مشاهدة التلفاز، عند الاستيقاظ من النوم، أو في منتصف الليل. كثير من الناس يمرون بهذه الحالة من تسارع نبضات القلب غير المبرر: سريع، مزعج، ويصعب تفسيره. في بعض الأحيان يكون ذلك مجرد نوبة حميدة، وفي أحيان أخرى يعد علامة تحذيرية تستحق المتابعة.
في هذه المدونة، سنشرح كل ما تحتاج إلى معرفته عن تسارع ضربات القلب غير المبرر، من الأسباب والأعراض إلى التقييم، العلاج ونصائح نمط الحياة.
ما هو تسارع ضربات القلب؟
يحدث تسارع ضربات القلب عندما يبدأ قلبك بالنبض بسرعة تفوق المعدل الطبيعي. يُعتبر معدل ضربات القلب سريعاً عندما يتجاوز 100 نبضة في الدقيقة أثناء الراحة. من الطبيعي أن يزداد معدل ضربات القلب أثناء ممارسة التمارين الرياضية، القلق، الخوف، الحماس أو عند الإصابة بالحمى. لكن عندما يحدث ذلك بدون سبب واضح أو يستمر وأنت في حالة هدوء وراحة، فقد يشير إلى وجود مشكلة ما.
دعونا نشرح أنواع تسارع القلب بطريقة مبسطة:
- تسارع القلب الجيبي
هذا هو رد فعل طبيعي للقلب لزيادة السرعة، كما يحدث أثناء التمرين، التوتر أو الحمى. وعادةً لا يشكل خطراً ويزول بمجرد زوال المسبب.
- تسارع القلب فوق البطيني
يشير إلى اضطراب في الإشارات الكهربائية داخل القلب، مما يؤدي إلى تسارع شديد في ضربات القلب حتى أثناء الراحة. يبدأ ويتوقف فجأة، ويشعر الشخص وكأن قلبه “ينطلق فجأة”.
- تسارع القلب البطيني
ينشأ في الغرف السفلية للقلب (البطينين). يُعتبر أكثر خطورة، وغالباً ما يشير إلى أن القلب لا يضخ الدم كما ينبغي. يتطلب غالباً رعاية طبية فورية.
- متلازمة تسارع-تباطؤ القلب
في هذه الحالة يتقلب القلب بين التسارع الشديد والتباطؤ المفرط. يشعر المصابون بالدوخة أو التعب، وقد يحتاجون إلى جهاز تنظيم ضربات القلب لتنظيم إيقاع ضربات القلب.
أسباب تسارع ضربات القلب:
قد تواجه تسارعاً غير مبرر في ضربات القلب دون سبب واضح، لكن غالباً ما تلعب عوامل خفية دوراً. إليك الأسباب المحتملة: • القلق ونوبات الهلع
- القلق ونوبات الهلع
- التوتر النفسي
- الجفاف أو اختلال توازن الأملاح بالجسم
- الحمى أو العدوى (مثل التهاب الكلى)
- اضطرابات هرمونية (مثل فرط نشاط الغدة الدرقية)
- انخفاض السكر في الدم
- فقر الدم أو انخفاض عدد كريات الدم الحمراء
- الكافيين، الكحول، أو المنشطات
- اضطرابات النوم أو الاستيقاظ من أحلام حية
أعراض تسارع ضربات القلب غير المبرر:
قد تصاحب ضربات القلب السريعة الأعراض التالية:
- ألم أو ضيق في الصدر
- دوار أو إغماء
- تعب أو إرهاق
- تعرق، ارتجاف، أو قشعريرة
- اضطرابات في الجهاز الهضمي: غثيان أو قيء
- قلق أو نوبة ذعر
وقد يلاحظ البعض هذه النوبات:
تسارع ضربات القلب غير المبرر أثناء الراحة: قد يحدث بسبب القلق، الجفاف، الإفراط في تناول الكافيين، أو حتى مشكلات خفية في الغدة الدرقية. وقد يكون أيضاً علامة على تسارع القلب الجيبي أو تسارع القلب فوق البطيني. إذا تكررت هذه الحالة، يجدر بك مراجعة الطبيب لاستبعاد اضطرابات نظم القلب أو اختلالات هرمونية.
- تسارع ضربات القلب غير المبرر في منتصف الليل: قد يرتبط بانقطاع النفس أثناء النوم، الكوابيس، أو انخفاض مفاجئ في مستوى السكر في الدم. وقد يكون أيضاً نتيجة لنوبات هلع ليلية أو ارتجاع معدي مريئي، حيث يصعد الحمض إلى المريء ويوقظك مما يجهد جسمك. ونادراً، قد يشير ذلك إلى اضطرابات نظم قلبية لا تظهر إلا ليلاً. لذا، فالاحتفاظ بمذكرة تدوين أثناء النوم ولتسجيل الأعراض التي تطرأ أثناء الليل يمكن أن يساعد الطبيب في تحديد نمط التسارع.
- تسارع ضربات القلب غير المبرر بعد الأكل أو أثناء الهضم: يُعرف باسم “تسارع القلب بعد الأكل”، ويحدث غالباً بعد تناول وجبات كبيرة أو غنية بالكربوهيدرات. أثناء الهضم، يتجه الدم نحو المعدة، ما قد يدفع القلب إلى النبض بسرعة أكبر للتعويض. إذا تكرر ذلك، فقد يكون مرتبطاً باختلال سكر الدم، حساسية من بعض الأطعمة، أو حتى مشكلات في الجهاز الهضمي مثل الارتجاع المعدي. تناول وجبات خفيفة ومتوازنة ببطء قد يساعد في التخفيف.
- تسارع ضربات القلب غير المبرر مع التعب: قد يكون ناتجاً عن فقر الدم، اضطرابات الغدة الدرقية، أو حتى الجفاف. كما يمكن أن تسببه عدوى خفية (مثل التهاب المسالك البولية أو فيروس)، اضطرابات نظم القلب، أو متلازمة التعب المزمن. إذا كان نبض قلبك غير طبيعي وتشعر بإرهاق دائم، فاستشر الطبيب.
- تسارع ضربات القلب غير المبرر مع الغثيان أو القيء: غالباً ما يُرى هذا المزيج في حالات القلق، العدوى الفيروسية، أو نوبات الإغماء الوعائي المبهمي (حيث يبالغ الجسم في رد فعله تجاه محفزات مثل الألم أو الوقوف المفاجئ). كما قد يحدث مع مشكلات الجهاز الهضمي مثل التسمم الغذائي أو عسر الهضم. البقاء في وضعية الاستلقاء مع رفع القدمين وشرب السوائل قد يساعد في تخفيف الأعراض.
- تسارع ضربات القلب غير المبرر مع ألم في الظهر: قد يشير هذا المزيج إلى إجهاد عضلي وتوتر نفسي، لكنه قد يدل أيضاً على مشكلات أعمق. التهابات الكلى، التهاب البنكرياس، أو حتى مشاكل قلبية (خصوصاً عند النساء) قد تظهر بهذه الصورة. إذا كان مصحوباً بحمى، غثيان، أو ألم أثناء التبول، لا تهمله، فقد يكون دليلاً على مشكلة أكثر خطورة تحتاج إلى عناية طبية.
غالباً ما تظهر هذه الأعراض بشكل متزامن، مما يترك الشخص في حالة من الحيرة أو القلق على صحته. التعامل الصحيح مهم جداً. اختر طبيبك، ولا تؤجل الفحص.
تسارع القلب وضغط الدم: ما الرابط؟
- تسارع ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم:
قد يكون ذلك علامة على أن القلب والجهاز العصبي يعملان فوق طاقتهم. ومن الأسباب المحتملة: التوتر والقلق: التوتر العقلي ونوبات الهلع تطلق الأدرينالين، مما يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في كل من معدل ضربات القلب وضغط الدم. هذا هو السبب غير القلبي الأكثر شيوعاً.
استخدام المنشطات: الكافيين، النيكوتين، مشروبات الطاقة، وبعض الأدوية (مثل مزيلات الاحتقان أو أدوية اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه) يمكن أن تُنشّط الجهاز العصبي السمبثاوي، مما يؤدي إلى زيادة حادة في ضربات القلب وضغط الدم.
الحالات القلبية: أمراض مثل اضطرابات نظم القلب، فشل القلب، أو تضخم عضلة القلب قد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وتسارع غير طبيعي في ضربات القلب، خاصةً أثناء المجهود البدني.
تسمم الحمل (أثناء الحمل): لدى الحوامل، قد يشير اجتماع ارتفاع ضغط الدم وتسارع القلب إلى علامة مبكرة على تسمم الحمل، وهي حالة خطيرة محتملة تتطلب رعاية فورية.
انقطاع النفس أثناء النوم: التنفس السيئ أثناء النوم يسبب انخفاض الأكسجين، مما يحفّز ارتفاعات مفاجئة في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، خاصةً في ساعات الصباح الباكر.
الألم أو الحمى: الألم الحاد والحمى المرتفعة تُنبه الجهاز العصبي، مما قد يرفع مؤقتاً كلاً من معدل ضربات القلب وضغط الدم.
انسحاب الأدوية أو الكحول: التوقف عن تناول مواد مثل الكحول، الأفيونات، أو البنزوديازيبينات قد يؤدي إلى تفعيل شديد للجهاز العصبي، مما يسبب ارتفاعاً في ضغط الدم وتسارعاً في نبضات القلب.
- تسارع ضربات القلب وانخفاض ضغط الدم:
عندما ينبض قلبك بسرعة ولكن ضغط دمك منخفض، فقد يحاول جسمك التعويض عن حالات مثل:
الجفاف
فقدان الدم (مثل النزيف الحاد أثناء الدورة الشهرية أو النزيف الداخلي)
انخفاض مفاجئ في ضغط الدم (مثل الوقوف السريع فجأة)
استجابة وعائية مبهمية (نوبة إغماء مفاجئة يسببها الألم أو التوتر)
متى يكون تسارع ضربات القلب متلازمة؟
إذا كانت نوبات تسارع ضربات القلب تحدث بشكل متكرر، وقد تم استبعاد الأسباب الواضحة، فقد تكون مصاباً بـ متلازمة تسارع ضربات القلب غير المبرر.
تشمل هذه الحالة خفقان القلب بشكل متكرر، متقطع ومزعج، دون وجود نتائج تشخيصية ثابتة يمكن الاعتماد عليها.
تقييم وتشخيص تسارع ضربات القلب غير المبرر:
قد يوصي الأطباء بالإجراءات التالية:
- تخطيط القلب الكهربائي (ECG/EKG): لاكتشاف اضطرابات نظم القلب.
- جهاز هولتر: لمراقبة إيقاع القلب على مدار 24–48 ساعة.
- جهاز الحدث: لتسجيل نوبات نظم القلب المتقطعة على المدى الطويل.
- تحاليل الدم: لفحص وظائف الغدة الدرقية، الكلى، العدوى، وفقر الدم.
- تخطيط صدى القلب (إيكو): لتقييم بنية وصحة القلب.
هل تسارع ضربات القلب غير المبرر خطير؟
غالباً لا يشكل خطراً مميتاً، لكنه لا يجب تجاهله، خاصةً إن كان متكرراً، طويل الأمد، أو يصاحبه إغماء أو ألم في الصدر.
خيارات علاج تسارع ضربات القلب غير المبرر:
يعتمد العلاج على السبب، ولكن من التدخلات الشائعة:
- حاصرات بيتا أو حاصرات قنوات الكالسيوم: للتحكم في نظم القلب
- تعويض الأملاح: للأشخاص الذين يعانون من نقص فيها
- علاج القلق أو العلاج النفسي أو مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية: إذا كان التوتر عاملاً مساهماً
- الكي بالقسطرة: للحالات المستمرة من تسرع القلب فوق البطيني أو اضطرابات نظم القلب
الدعم الحياتي والوقاية:
يمكنك تقليل الأعراض أو التحكم بها من خلال:
- تقليل الكافيين والكحول
- الحفاظ على الترطيب
- إدارة التوتر والتأمل
- ممارسة تمارين القلب بانتظام (بتوجيه من الطبيب المعالج)
- تجنب الوجبات الكبيرة قبل النوم
- تتبع الأعراض في مذكرة صحية
الخلاصة:
تسارع ضربات القلب غير المبرر قد يكون مزعجاً، لكن فهم أسبابه، إجراء التقييم اللازم، والحصول على العلاج المناسب يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً. سواء كان السبب تسرع القلب، التوتر، أو حالة أخرى، لا تتجاهله.
التقييم المبكر قد يمنع مضاعفات خطيرة ويعيد راحة بالك. لا تتردد في استشارة طبيب القلب إذا كانت هذه النوبات تؤثر على حياتك اليومية أو نومك.
قلبك يستحق الاهتمام – وكذلك أنت.