ضربة الشمس، المعروفة أيضًا باسم فرط الحرارة، هي حالة خطيرة وقد تكون مهددة للحياة، تحدث عندما يفشل الجسم في تنظيم درجة حرارته الداخلية والتبريد الذاتي في ظل الحرارة الشديدة.
تتطلب ضربة الشمس رعاية طبية فورية، على عكس حالات الجفاف الخفيفة أو الطفح الجلدي الحراري البسيط وهو عبارة عن بثور أو نتوءات حمراء صغيرة تظهر غالبًا على الرقبة، الصدر، الظهر أو الفخذين، وتُعرف باسم “حمو النيل”، خاصةً عند التعرق المفرط .
إذا لم تُعالج ضربة الشمس بسرعة، قد تؤدي إلى تلف شديد في الأعضاء أو حتى الوفاة. 

وعلى الرغم من أن فرط الحرارة غالبًا ما ينتج عن التعرض لحرارة بيئية خارجية، فإنه من المهم أن نُدرك أن بعض الحالات الطبية مثل فرط الحرارة الخبيث يمكنها أيضًا أن تسبب ارتفاعًا خطيرًا في درجة حرارة الجسم. 

في هذه المدونة، سنستعرض أسباب وأعراض وعلاجات ضربة الشمس وأشكال أخرى من فرط الحرارة، مع تركيز خاص على سكان دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قد تصل درجات الحرارة إلى مستويات مرتفعة جدًا.

ما هو فرط الحرارة؟

فرط الحرارة هو حالة ترتفع فيها درجة حرارة الجسم الأساسية عن المعدل الطبيعي (حوالي 37 درجة مئوية أو 98.6 درجة فهرنهايت). وعندما تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية (104 درجة فهرنهايت)، تصبح الحالة طارئة.

أنواع فرط الحرارة:

النوع الوصف 
الإنهاك الحراري المراحل المبكرة من الإجهاد الحراري، تتضمن تعرقًا غزيرًا ودوخة. 
ضربة الشمس  الشكل الأكثر حدة، ويشمل الارتباك، فقدان الوعي، وفشل الأعضاء المحتمل. 
فرط الحرارة الخبيث  اضطراب وراثي نادر ولكنه مهدد للحياة، يؤدي إلى ارتفاع سريع وخطير في درجة الحرارة وتقلصات عضلية شديدة عند التعرض لبعض أدوية التخدير، خصوصًا أثناء العمليات الجراحية. ولا يرتبط بالحرارة البيئية مثل ضربة الشمس، بل هو تفاعل ناتج عن التخدير أو مرخيات العضلات. 

هل كنت تعلم؟
ضربة الشمس ليست مجرد شعور بالحرارة الزائدة، بل يمكن أن تؤثر على الدماغ، والعضلات، والقلب، والكلى.

ما هي أسباب فرط الحرارة؟

يحدث فرط الحرارة عندما ينتج الجسم حرارة أكثر مما يستطيع التخلص منها. ويمكن أن يحدث هذا الخلل نتيجة عاملين رئيسيين:

  1. التعرض للحرارة البيئية
    • البقاء لفترات طويلة تحت أشعة الشمس المباشرة
    • النشاط البدني أثناء ارتفاع درجات الحرارة
    • الجفاف، الذي يعيق التعرق والتبريد
    • ارتداء ملابس ضيقة أو داكنة تحبس الحرارة
    • المخاطر الداخلية: التهوية السيئة، الرطوبة العالية، وغياب التكييف قد تؤدي إلى تراكم حرارة خطير داخل المنازل، خاصةً في المباني القديمة أو السكنات المشتركة
  2. الأدوية والمحفزات الجينية (فرط الحرارة الخبيث)
    • يُحفز عند استخدام أدوية تخدير معينة مثل السكسينيلكولين أو الهالوثان أثناء الجراحة
    • ناتج عن طفرة جينية، غالبًا في جين يسمى RYR1 وهو جين يوفر تعليمات لإنتاج بروتين مرتبط بانقباض العضلات؛ يمكن أن تؤدي الطفرات فيه إلى فرط الحرارة الخبيث عند استخدام بعض أدوية التخدير
    • كثيرون لا يعرفون أنهم مصابون بهذه الحالة إلا بعد الخضوع لجراحة
    • من المهم إبلاغ الأطباء إذا كان أحد أفراد العائلة قد عانى من مضاعفات متعلقة بالتخدير

من الأكثر عرضة لضربة الشمس في الإمارات؟

رغم أن أي شخص قد يصاب بضربة الشمس، فإن بعض الفئات أكثر عرضة، وتشمل: 

  • كبار السن والأطفال الصغار 
  • العمال في الهواء الطلق، مثل عمال البناء أو التوصيل 
  • الرياضيون الذين يتدربون في الخارج 
  • الأشخاص المصابون بحالات مزمنة مثل أمراض القلب أو السكري 
  • السياح والمغتربون غير المعتادين على حرارة الإمارات 

ونظرًا لحرارة المنطقة المرتفعة، فإن الأشخاص الذين يقضون وقتًا طويلاً داخل المباني دون تبريد مناسب — مثل المباني القديمة أو الأماكن ذات التهوية الضعيفة — قد يكونون أيضًا معرضين للخطر. حتى البقاء في الداخل لا يضمن الحماية إذا لم تكن التهوية والتبريد كافيين.

الأعراض المبكرة لفرط الحرارة

التعرف على الأعراض في مراحلها المبكرة يمكن أن يمنع المضاعفات الخطيرة. وغالبًا ما تظهر الأعراض تدريجيًا على ثلاث مراحل:

المرحلة الأعراض 
تشنجات حرارية تقلصات عضلية في الساقين، الذراعين أو البطن 
إنهاك حراري تعرّق غزير، ضعف عام، غثيان، صداع، دوار 
ضربة شمس ارتفاع شديد في حرارة الجسم (>40°C)، ارتباك، جفاف الجلد، تسارع ضربات القلب، فقدان الوعي 

هل كنت تعلم؟
أحد الأعراض المتقدمة والخطيرة جدًا لضربة الشمس هو الارتباك أو تغير الحالة الذهنية. إذا بدا أن شخصًا ما مصابًا بالحرارة يشعر بالارتباك أو التوهان، يجب طلب الرعاية الطبية الطارئة فورًا.

فقدان الوعي في ضربة الشمس

فقدان الوعي هو حالة طبية طارئة تحدث عندما يعجز الجسم عن تنظيم حرارته الداخلية وتجاوز درجة الحرارة 40° مئوية(104°فهرنهايت). وتشير إلى أن الدماغ لم يعد يعمل بشكل طبيعي بسبب الحرارة الداخلية المفرطة. 

ماذا يعني ذلك؟ 

  • احتمال حدوث تلف في الدماغ أو القلب أو الكلى أو العضلات 
  • دون تبريد عاجل وعلاج فوري، قد يؤدي إلى إعاقة دائمة أو الوفاة

الإسعافات الأولية عند فقدان الوعي بسبب ضربة الشمس:

  1. الاتصال بالطوارئ فورًا (مثل 998 أو الرقم المحلي).
  2. نقل المصاب إلى مكان بارد، مظلل، أو مكيف.
  3. محاولة تبريد المصاب:
    • نزع الملابس الزائدة
    • وضع كمادات باردة على الرقبة، تحت الإبطين، والفخذ
    • رش الجسم بماء بارد (وليس مثلجًا) أو تغطيته بقطعة قماش مبللة
    • استخدام مروحة لتحريك الهواء
  4. عدم إعطاء سوائل إذا كان المصاب فاقدًا للوعي لتجنب خطر الاختناق

كيف يتم تشخيص ضربة الشمس؟

يعتمد الأطباء على ما يلي لتشخيص فرط الحرارة: 

  • الفحص البدني الكامل 
  • قياس درجة حرارة الجسم 
  • تحاليل الدم (لتقييم وظائف الأعضاء) 
  • فحص الأملاح (لتحديد أي خلل) 
  • تحليل البول (لتحديد درجة الجفاف) 

وفي حالات الاشتباه بفرط الحرارة الخبيث، قد يُطلب أخذ خزعة من العضلات أو إجراء فحوصات وراثية لتأكيد التشخيص. 

في مستشفى ريم بأبوظبي، نوفر خدمات تشخيصية متقدمة ورعاية طبية طارئة للحالات المرتبطة بالحرارة، بما في ذلك التحاليل المخبرية والمراقبة المستمرة.

خيارات العلاج لفرط الحرارة

يُعد التدخل العلاجي الفوري أمرًا ضروريًا لخفض درجة حرارة الجسم ومنع تلف الأعضاء.

الإسعافات الأولية لضربة الشمس:

  • نقل المصاب إلى مكان بارد ومظلل 
  • نزع الملابس الزائدة 
  • وضع كمادات باردة على الرقبة وتحت الإبطين والفخذ 
  • استخدام رذاذ ماء بارد أو مراوح 
  • تقديم سوائل باردة (ليست مثلجة) فقط إذا كان الشخص واعيًا

العلاج الطبي:

  • محاليل وريدية لترطيب الجسم 
  • بطانيات تبريد أو كمادات ثلجية موضعية 
  • أدوية للسيطرة على التشنجات العضلية أو النوبات 
  • علاج بالأوكسجين إذا لزم الأمر

فرط الحرارة يمكن علاجه إذا تم اكتشافه مبكرًا ومعالجته بشكل مناسب. معظم الحالات تُشفى تمامًا، لكن الحالات الشديدة قد تتطلب وقتًا أطول للتعافي أو تترك آثارًا دائمة.

لماذا لا ينبغي استخدام الماء المثلج في حالات ضربة الشمس، خاصةً عند فقدان الوعي؟

قد يبدو استخدام الماء المثلج لتبريد شخص مصاب بضربة شمس فكرة جيدة، لكنه في الواقع قد يكون ضارًا جدًا، وخصوصًا إذا كان الشخص فاقدًا للوعي. إليك الأسباب:

  1. خطر حدوث صدمة حرارية :
    • سكب الماء المثلج على المصاب بضربة شمس قد يؤدي إلى تضيق مفاجئ في الأوعية الدموية.
    • هذا يحدّ من فقدان الحرارة من سطح الجلد، ويؤدي إلى احتباس الحرارة داخل الجسم، مما يُبطئ عملية التبريد الداخلية.
    • كما قد يتسبب في دخول الجسم في حالة صدمة، خاصةً إذا كان الشخص فاقدًا للوعي أو يعاني من ضغط دم غير مستقر.
  2. انخفاض خطير في درجة حرارة الجسم الأساسية:
    • التبريد السريع باستخدام الماء البارد جدًا قد يسبب انخفاض حرارة الجسم، وخصوصًا إذا تم بشكل مفرط أو غير منتظم.
    • عند فقدان الوعي، يكون من الصعب مراقبة درجة الحرارة الداخلية، مما يزيد خطر التبريد الزائد عن الحد.
  3. مخاطر على القلب:
    • الانخفاض المفاجئ في درجة الحرارة بسبب الماء المثلج يمكن أن يجهد القلب، خاصة عند كبار السن، الأطفال، أو من يعانون من أمراض قلبية.
    • وقد يؤدي إلى اضطرابات في نبض القلب أو يزيد من الضغط القلبي الناجم عن ضربة الشمس.
  4. التقلصات العضلية والارتعاش (القشعريرة):
    • الماء المثلج قد يسبب ارتعاشًا عضليًا لا إراديًا، مما يؤدي إلى توليد حرارة إضافية، وهذا يتناقض مع الهدف الأساسي وهو التبريد.
    • كما يزيد الارتعاش من معدل الأيض وحاجة الجسم إلى الأوكسجين وهو ما لا يحتاجه الجسم أثناء ضربة الشمس.

ماذا يحدث إذا لم تُعالج ضربة الشمس؟

ضربة الشمس غير المعالجة قد تؤدي إلى: 

  • تلف في الدماغ 
  • فشل في الأعضاء الحيوية 
  • غيبوبة 
  • الوفاة 

وتعتمد مدة التعافي على شدة الحالة؛ الحالات الخفيفة قد تتحسن خلال أيام، بينما تتطلب الحالات الشديدة الإقامة في المستشفى والعلاج الطبيعي.

كيفية الوقاية من ضربة الشمس في الإمارات

نظرًا لدرجات الحرارة العالية، خاصة في أبوظبي ودبي، فإن الوقاية أمر بالغ الأهمية:

نصيحة وقائية الفائدة 
ابقَ رطبًا اشرب الماء كل ساعة حتى إن لم تشعر بالعطش 
ارتدِ ملابس خفيفة وفضفاضة تسمح بتبخر العرق وتبريد الجسم 
تجنب الشمس في ذروتها ابقَ في الظل أو داخل المباني من 11 صباحًا إلى 4 مساءً 
استخدم واقيًا من الشمس قبعة، نظارات شمسية، وكريم واقٍ من الشمس 
تجنب النشاط المجهد مارس الرياضة صباحًا أو بعد الغروب 
استخدم التكييف حافظ على برودة منزلك خلال أشهر الصيف 

إذا اضطررت للخروج في صيف الإمارات، خذ فترات راحة في الظل، واحتفظ بزجاجة ماء، وقلّل من مدة التعرض لأشعة الشمس، وارتدِ ملابس واقية من الأشعة فوق البنفسجية.

الخاتمة:

فرط الحرارة، بما في ذلك ضربة الشمس وفرط الحرارة الخبيث، هو حالة خطيرة تتطلب الوعي والتحرك الفوري، خاصة في مناخ الإمارات القاسي.
من خلال فهم الأعراض، الأسباب، واستراتيجيات الوقاية، يمكنك حماية نفسك وأحبائك. إذا شعرت أنت أو أي شخص بالقرب منك بأعراض ضربة شمس، لا تنتظر اطلب الرعاية الطبية فورًا.
مستشفى ريم في أبوظبي يقدم تشخيصًا متخصصًا، رعاية طارئة، ودعمًا طويل الأمد لمساعدتك على التعافي الكامل.

مشاركه فى:

كتب بواسطة
د.رهف وجدي

كاتب محتوى طبي

الدكتورة رهف وجدي هي أخصائية أشعة نووية مصرية ومنشئة محتوى طبي تدمج خبرتها السريرية مع الإبداع الرقمي. تتمتع بخبرة تزيد عن خمس سنوات في كتابة المحتوى الطبي باللغتين العربية والإنجليزية، وهي مكرسة لتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وجعلها في متناول جمهور...

تمت مراجعته طبيا من قبل
د. دانيا أبوشويرب

استشاري طب اسرة

د/ دانيا أبوشويرب هي استشاري طب الأسرة بمستشفى ريم، لديها خبرة تتجاوز 15 عاماً من العمل مع حالات الاضطرابات العقلية، مثل: القلق، الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى المشاكل الجلدية والأمراض القلبية مثل مرض الضغط العالي، ارتفاع نسبة الدهون...

تواصل معنا

الموقع