تُعدّ الأمراض المنقولة جنسيًا أكثر انتشارًا مما يظنّه الكثيرون، ومرض السيلان، الذي تسببه بكتيريا Neisseria gonorrhoeae، يُعدّ من أكثرها شيوعًا وخطورة. يتميز السيلان بأعراضه الخفية ومضاعفاته المحتملة الخطيرة، حيث يمكن أن يصيب عدة أجزاء من الجسم. لذلك، فإن فهم الصورة الكاملة لهذا المرض—من الأعراض إلى الفحص والعلاج والوقاية—هو أمر ضروري. 

في هذا المقال، سنوضح لك كل ما تحتاج معرفته عن مرض السيلان، بما في ذلك: 

  • لماذا قد تظهر عليك أعراض السيلان رغم أن نتيجة التحليل سلبية، 
  • كيف تستخدم فحوصات الأمراض المنقولة جنسيًا المنزلية، 
  • وأحدث خيارات العلاج المتاحة.

تعريف ووصف مرض السيلان

السيلان هو عدوى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي وتستهدف الأغشية المخاطية في الجهاز التناسلي، والإحليل، والمستقيم، والحلق، وحتى العينين.
البكتيريا المسببة له تُعرف باسم Neisseria gonorrhoeae، وهي بكتيريا على شكل أزواج من الخلايا الكروية وتُرى بهذا الشكل تحت المجهر. 

ينتقل المرض من خلال الجماع المهبلي أو الفموي أو الشرجي، كما يمكن أن يُنقل من الأم إلى الطفل أثناء الولادة. 

إذا تُرك دون علاج، يمكن أن يؤدي السيلان إلى مشكلات صحية خطيرة مثل:

  • العقم
  • مرض التهاب الحوض (PID)
  • زيادة خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري  HIV

ويُعرف السيلان بأنه “خفي”، لأن أعراضه قد تكون خفيفة أو غير موجودة نهائيًا، خصوصًا في مراحله الأولى.

سبب مرض السيلان

السبب الأساسي للإصابة بالسيلان هو الاتصال الجنسي مع شخص مصاب بالعدوى.
تنتقل البكتيريا من شخص إلى آخر عبر سوائل الجسم والاتصال المباشر بالأغشية المخاطية المصابة.

عوامل الخطر تشمل:

  • وجود شركاء جنسيين متعددين
  • ممارسة الجنس دون استخدام الواقيات
  • وجود تاريخ سابق للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا
  • عدم الانتظام في استخدام الواقي الذكري أو الحواجز الفموية

أعراض مرض السيلان: ما الذي يجب الانتباه له؟

أعراض السيلان الشائعة:

  • شعور بالحرقان أثناء التبول
  • إفرازات غير طبيعية خضراء أو صفراء من القضيب أو المهبل
  • ألم أو تورم في الخصيتين
  • نزيف مهبلي غير متوقّع بين فترات الحيض
  • التهاب أو ألم في الحلق، خاصةً بعد ممارسة الجنس الفموي

كم يستغرق ظهور الأعراض؟

من 2 إلى 14 يومًا بعد التعرّض للعدوى.

أعراض السيلان الشرجي:

قد لا تظهر أعراض في بعض الحالات، لكن عند وجودها تشمل:

  • حكة أو تهيّج في منطقة الشرج
  • ألم أثناء التبرز
  • إفرازات أو نزيف من فتحة الشرج
  • الشعور بالحاجة المتكررة للتغوّط

التهاب الحلق والسيلان

أحد أشكال السيلان الأقل شهرة ولكن المتزايدة انتشارًا هو السيلان الفموي، ويحدث عندما تصيب بكتيريا Neisseria gonorrhoeae الحلق.
يحدث ذلك عادة من خلال الجنس الفموي غير المحمي، سواء عند ممارسة الجنس الفموي مع شريك مصاب في أعضائه التناسلية، أو تلقي تحفيز فموي من شخص يحمل البكتيريا في فمه أو حلقه.

العَرَض الرئيسي للسيلان

التهاب مستمر في الحلق لا يستجيب لعلاجات نزلات البرد الشائعة أو المضادات الحيوية المخصصة لالتهاب الحلق البكتيري أو الفيروسي.
ورغم أن الشعور يشبه أحيانًا نزلة برد خفيفة أو التهاب اللوزتين، إلا أن المسبب في هذه الحالة بكتيريا منقولة جنسيًا وليست فيروسًا.

 أعراض أخرى محتملة للسيلان الفموي:

  • احمرار وتهيج في الحلق
  • تضخم الغدد اللمفاوية في الرقبة
  • ألم أو انزعاج أثناء البلع
  • بقع بيضاء أحيانًا على اللوزتين (قد تُخطئ في تشخيصها على أنها عدوى بكتيرية شائعة مثل التهاب الحلق) 

من المهم أن تعرف أن العديد من المصابين بالسيلان الفموي لا تظهر عليهم أعراض، مما يسهل نقل العدوى للآخرين دون علم.
لذا، يُعد الفحص بعد أي علاقة فموية غير محمية ضروريًا، خاصةً عند الشعور بعدم ارتياح في الحلق دون سبب واضح. 

لديك أعراض السيلان ولكن نتيجة الفحص سلبية؟ 

في بعض الأحيان، يشعر الشخص بأعراض مثل حرقة التبول أو الإفرازات، لكن تظهر نتيجة الفحص سلبية.
لماذا يحدث ذلك؟ إليك بعض الأسباب المحتملة: 

  • تم إجراء الفحص مبكرًا جدًا بعد التعرض للعدوى، قبل أن تتكاثر البكتيريا إلى مستوى يمكن كشفه
  • جمع العينة لم يكن كافيًا أو بالطريقة الصحيحة
  • العدوى موجودة في موضع لم يتم فحصه (مثل الحلق أو المستقيم) مهم: إذا ظهرت عليك أعراض السيلان وكانت نتيجة الفحص سلبية، استشر مقدم الرعاية الصحية. قد تحتاج إلى فحوصات إضافية مخصصة لمواضع أخرى في الجسم.

تشخيص مرض السيلان: كيف يتم التأكد من الإصابة؟

  1. اختبار الحمض النووي (NAAT)
    يُعد هذا الاختبار الأكثر شيوعًا والأكثر موثوقية.
    يقوم بالكشف عن الحمض النووي لبكتيريا Neisseria gonorrhoeae، ويُجرى على عينات مثل:
    • البول (غالبًا للرجال)
    • مسحات عنق الرحم أو المهبل (للنساء)
    • مسحات من الحلق أو المستقيم (في حالات العدوى الفموية أو الشرجية)
  2. المسحة والمزرعة
    يتم أخذ مسحات من المنطقة المصابة وتنميتها في المختبر لتحديد نوع البكتيريا.
    ورغم أن هذه الطريقة أبطأ، إلا أنها فعالة جدًا في الكشف عن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية وهو أمر يزداد القلق بشأنه في حالات السيلان.
  3. الاختبارات السريعة لمرض السيلان
    اختبارات فورية تعطي النتائج خلال ساعة واحدة.
    وهي مفيدة جدًا في حالات الطوارئ أو في المناطق التي تفتقر إلى الوصول السهل للمختبرات.

هل تعمل اختبارات السيلان السريعة؟

نعم، فهي مفيدة في الحالات العاجلة أو عندما تكون الموارد المخبرية محدودة.

هل من الممكن الحصول على نتيجة سلبية خاطئة لمرض السيلان؟

أحيانًا يشعر بعض الأشخاص بأعراض سيلان مثل حرقة أثناء التبول أو إفرازات، لكن نتيجة التحليل تظهر سلبية. لماذا؟ إليك بعض الأسباب المحتلمة:

  • الفحص تم في وقت مبكر للغاية، بعد التعرض للعدوي (قبل تكاثر البكتريا بما يكفي ليتم اكتشافها)
  • العينة التي تم جمعها لم تكن كافية أو بطريقة صحيحة.
  • العدوى موجودة في مكان لم يتم فصحه (مثل الحلق أو المستقيم).

من المهم دومًا استشارة متخصص إذا ظهرت عليك أي أعراض السيلان حتى إن كانت نتيجة التحاليل سلبية، فقد تحتاج إلى فحوصات إضافية خاصة بمكان العدوى.

اختبارات الأمراض المنقولة جنسيًا في المنزل

تُعد هذه الأدوات سرية وفعالة، وتشمل:

  • جمع عينة بول للرجال والنساء
  • مسحة مهبلية للنساء
  • تعليمات واضحة للتعبئة والإرسال إلى المعمل

مضاعفات مرض السيلان: ماذا يحدث إذا تُرك دون علاج؟

إذا لم يتم تشخيص مرض السيلان ومعالجته، فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل:

  • مرض التهاب الحوض لدى النساء
  • العقم لدى الجنسين
  • التهاب البربخ لدى الرجال (التهاب مؤلم في الخصية)
  • التهاب المستقيم في حالات العدوى الشرجية
  • العدوى السيلانية المنتشرة وهي حالة نادرة وخطيرة تنتقل فيها البكتيريا إلى الدم والمفاصل

علاج مرض السيلان: هل يمكن الشفاء تمامًا؟

نعم، من الممكن الشفاء من مرض السيلان، خاصةً إذا تم اكتشافه مبكرًا.
لكن يمكن الإصابة به مرة أخرى في حال التعرّض للعدوى مجددًا. 

طريقة العلاج المعتادة:

  • سيفترياكسون (Ceftriaxone): مضاد حيوي قوي يُعطى عن طريق الحقن
  • في بعض الحالات، يمكن استخدام جنتاميسين (Gentamicin) مع أزيثروميسين (Azithromycin) كبدائل 

خطوات مهمة بعد التشخيص:

  • ابدأ العلاج فورًا
  • أبلغ الشركاء الجنسيين حتى يتمكنوا من إجراء الفحص والعلاج
  • تجنّب العلاقات الجنسية حتى تُكمل العلاج أنت وشريكك/شركاؤك وتزول الأعراض
  • أعد الفحص بعد 3 أشهر، لأن خطر الإصابة مجددًا شائع جدًا

الوقاية من السيلان: ما الذي يمكنك فعله؟

  • استخدم الواقيات الذكرية أو الحواجز الفموية بشكل منتظم وثابت
  • قلل عدد الشركاء الجنسيين
  • قم بإجراء فحوصات دورية للأمراض المنقولة جنسيًا، خاصةً إذا كنت نشطًا جنسيًا مع شركاء جدد أو متعددين
  • تجنب ممارسة الجنس مع أي شخص تظهر عليه أعراض مرض منقول جنسيًا

الخلاصة

مرض السيلان أكثر شيوعًا مما يظنه الكثيرون، وفهم أعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه يساعدك على البقاء آمنًا ومطلعًا.
الاكتشاف المبكر هو العامل الأهم، خصوصًا إذا ظهرت عليك أعراض مثل حرقة التبول، أعراض شرجية، أو إفرازات غير طبيعية.
سواء عبر مسحات الحلق أو اختبارات الأمراض المنقولة جنسيًا المنزلية، فإن الفحوصات المنتظمة والتواصل الصريح مع الشركاء تحميك من هذا المرض القابل للعلاج بسهولة، ولكن الذي قد يُسبب مضاعفات خطيرة إذا أُهمِل.

مشاركه فى:

كتب بواسطة
د.رهف وجدي

كاتب محتوى طبي

الدكتورة رهف وجدي هي أخصائية أشعة نووية مصرية ومنشئة محتوى طبي تدمج خبرتها السريرية مع الإبداع الرقمي. تتمتع بخبرة تزيد عن خمس سنوات في كتابة المحتوى الطبي باللغتين العربية والإنجليزية، وهي مكرسة لتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وجعلها في متناول جمهور...

تمت مراجعته طبيا من قبل
د. دانيا أبوشويرب

استشاري طب اسرة

د/ دانيا أبوشويرب هي استشاري طب الأسرة بمستشفى ريم، لديها خبرة تتجاوز 15 عاماً من العمل مع حالات الاضطرابات العقلية، مثل: القلق، الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، بالإضافة إلى المشاكل الجلدية والأمراض القلبية مثل مرض الضغط العالي، ارتفاع نسبة الدهون...

تواصل معنا

الموقع