الإمساك هو مشكلة مزعجة وغالبًا ما يتم تجاهلها ولا يتحدث عنها أحد إلا عندما تصبح مصدرًا للإزعاج والإحباط. يصيب الإمساك الأشخاص من جميع الأعمار والخلفيات، وهو مصدر قلق متزايد لكثير من الناس في أبوظبي وفي أنحاء الإمارات. 

في هذه المدونة، سنتناول كل ما تحتاج معرفته عن الإمساك، بدءًا من أسبابه، مرورًا بالأعراض المختلفة التي قد تلاحظها، وانتهاءً بطرق الوقاية والعلاج. سنتحدث عن دور النظام الغذائي ونمط الحياة في الوقاية، وعلاقته بالتعافي بعد الولادة، والأدوية، والعمليات الجراحية. كما سنقدم نصائح للتخفيف من الإمساك. 

سنستعرض أيضًا خيارات علاج الإمساك المتوفرة في مستشفى “ريم”، بالإضافة إلى العلاجات المنزلية التي يمكنك تجربتها، ومتى يكون الإمساك علامة على حالة صحية أكثر خطورة.

ما هو الإمساك؟

الإمساك هو تغير في نمط حركات الأمعاء، وقد يشمل قلة التبرز، أو صعوبة وألم عند التبرز، أو الإحساس بعدم الإفراغ الكامل. ووفقًا للتعريف الطبي، يُعرّف الإمساك عادةً بأنه أقل من ثلاث مرات تبرز في الأسبوع. 

قد يكون الإمساك حادًا (قصير الأمد) أو مزمنًا (يستمر لمدة 3 أسابيع أو أكثر)، ويمكن أن يصيب أي شخص في أي عمر، بدءًا من حديثي الولادة وحتى كبار السن.

ما هو الإمساك المزمن؟

الإمساك المزمن هو حالة مستمرة تتميز بندرة حركات الأمعاء أو صعوبة تمرير البراز لفترة طويلة، غالبًا لعدة أسابيع أو أكثر. وهو ليس مجرد إزعاج عابر، بل قد يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والصحة العامة.

الأسباب الشائعة للإمساك

لا يوجد سبب واحد للإمساك، بل هو غالبًا نتيجة لمجموعة من العوامل، ومنها: 

  • قلة الألياف في النظام الغذائي: عدم تناول كميات كافية من الخضروات، الفواكه، والحبوب الكاملة يبطئ حركة الأمعاء. 
  • الجفاف: قلة شرب الماء تجعل البراز أكثر صلابة وأصعب تمريرًا. 
  • قلة النشاط البدني: قلة الحركة تقلل من نشاط الأمعاء. 
  • الضغط النفسي والقلق: تؤثر الحالة النفسية على صحة الجهاز الهضمي بشكل كبير. 
  • تجاهل الرغبة في التبرز: تجاهل الرغبة المتكررة يمكن أن يربك الإشارات الطبيعية للجسم. 
  • الأدوية: بعض المسكنات، مضادات الاكتئاب ومكملات الحديد قد تسبب بطء في حركة الأمعاء. 
  • أمراض طبية: مثل قصور الغدة الدرقية، السكري، متلازمة القولون العصبي، أو بعض الاضطرابات العصبية تسمح بتطور الإمساك.  
  • التغيرات الهرمونية: الحمل واختلال التوازن الهرموني يمكن أن يؤثر على حركة الأمعاء. 
  • الاضطرابات العصبية: مثل التصلب المتعدد أو إصابات الحبل الشوكي التي تؤثر على عضلات الإخراج. 
  • خلل في عضلات قاع الحوض: وهي حالة تؤثر على القدرة على التبرز.

أعراض الإمساك

قد يكون الإمساك غير ملحوظ في البداية، لكن الجسم يرسل إشارات تحذيرية مثل: 

  • عدد مرات تبرز أقل من المعتاد 
  • براز جاف وصلب أو متكتل 
  • الشعور بالألم أو الحاجة للشد عند التبرز 
  • الشعور بعدم الإفراغ الكامل 
  • انتفاخ أو غازات 
  • الغثيان

متى يصبح الإمساك خطيرًا؟

رغم أن الإمساك قد يبدو بسيطًا، إلا أنه إذا تُرك دون علاج، قد يؤدي إلى مضاعفات، مثل: 

  • البواسير نتيجة الشد المتكرر 
  • الشقوق الشرجية (تمزقات تحدث في بطانة الشرج) 
  • انحشار البراز (انسداد تام للمستقيم) 
  • الرتوج أو التهابها (تشكل جيوب صغيرة في القولون قد تلتهب) 
  • ضعف عضلات قاع الحوض مما قد يسبب مشاكل في التبول أيضًا 

لذا من المهم التعامل مع الإمساك المزمن بجدية واستشارة الطبيب عند استمرار الأعراض.

كيف نمنع الإمساك؟

كثير من الناس يبحثون عن علاج نهائي للإمساك، لكن الوقاية تبقى الخيار الأفضل غالبًا. إليك بعض النصائح الأساسية: 

  • شرب كميات كافية من الماء وتناول أطعمة غنية بالماء مثل الخضار والفواكه 
  • اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على الألياف (خضار، فواكه، حبوب كاملة)، والبروبيوتيك (مثل الزبادي)، وتقليل اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة 
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام على الأقل 30 دقيقة يوميًا 
  • الاستجابة لإشارات الجسم وعدم تأجيل الذهاب للحمام 
  • تقليل التوتر من خلال اليوغا أو التأمل

الإمساك عند الأطفال

الإمساك عند الأطفال أكثر شيوعًا مما يظن الكثير من الأهل. ويُعرّف عادةً بقلة التبرز (أقل من 3 مرات في الأسبوع)، أو ألم عند التبرز، أو الشد الواضح. قد يؤدي ذلك إلى خوف من استخدام الحمام ودخول الطفل في حلقة مفرغة.

أعراض الإمساك عند الرُضّع (0–12 شهرًا)

يصعب أحيانًا معرفة إن كان الطفل يعاني من الإمساك، لكن العلامات تشمل: 

  • قلة عدد الحفاضات المتسخة 
  • براز صلب وجاف كالكريات 
  • صراخ أو انزعاج أثناء التبرز 
  • بطن منتفخ أو صلب 
  • فقدان الشهية أو كثرة التقيؤ

العلاجات المنزلية المفيدة:

  • حمام دافئ 
  • تدليك لطيف للبطن باتجاه عقارب الساعة 
  • تحريك الساقين كأن الطفل يركب دراجة 
  • كمية صغيرة من عصير البرقوق أو الكمثرى (بعد استشارة الطبيب)

أعراض الإمساك عند الأطفال الصغار (1–3 سنوات)

مرحلة التدريب على الحمام من أكثر المراحل شيوعًا للإمساك، والأعراض تشمل: 

  • عدم التبرز لعدة أيام 
  • انزعاج أو بكاء أثناء التبرز 
  • حوادث تسريب البراز بعد تعلم الحمام (دليل على حبس البراز) 
  • رفض دخول الحمام بسبب الخوف من الألم 
  • آثار دم في البراز 
  • فقدان الشهية أو الشبع السريع 
  • نوبات غضب دون سبب واضح 
  • براز صلب وجاف ومؤلم

الدعم المنزلي يشمل:

  • تثبيت وقت منتظم لدخول الحمام، خصوصًا بعد الوجبات 
  • تقديم أطعمة غنية بالألياف مثل التفاح، الكمثرى، الشوفان 
  • توفير الماء طوال اليوم 
  • تعزيز السلوك الإيجابي عند استخدام الحمام

أعراض الإمساك عند الأطفال الأكبر (4 سنوات فما فوق)

قد يستطيع الطفل التعبير عن شعوره، لكن أحيانًا تبقى الأعراض خفية. علامات الإمساك تشمل: 

  • الشكوى من ألم في البطن خاصةً حول السرّة أو أسفل البطن 
  • مشاكل سلوكية مرتبطة بالألم أو الانزعاج 
  • فترات طويلة دون تبرز أو براز صلب باستمرار 
  • انتفاخ أو غازات 
  • سلس البراز (تلوث الملابس الداخلية) رغم تعلم الحمام  
  • فقدان الشهية 
  • صعوبة في التركيز أو تقلبات مزاجية

عندما لا تكفي العلاجات المنزلية:

قد يقترح الطبيب: 

  • ملينات آمنة للاستخدام المؤقت 
  • حقنة شرجية خفيفة (بإشراف طبي فقط) 
  • خطة علاج فردية تشمل تتبع حركة الأمعاء 
  • فحص بالأشعة أو الموجات الصوتية لتحديد أي مشكلات هيكلية

لإمساك بعد الجراحة أو الولادة

يعد الإمساك بعد العمليات الجراحية شائعًا بسبب التخدير، الأدوية، أو قلة الحركة أثناء التعافي. كما أن الإمساك بعد الولادة الطبيعية أو القيصرية أمر شائع نتيجة التغيرات الهرمونية، الجفاف، أو أدوية ما بعد الولادة.

متى يجب زيارة الطبيب؟

الإمساك العابر أمر شائع، لكن هناك حالات تتطلب التدخل الطبي: 

  • استمرار الإمساك لأكثر من أسبوع رغم المحاولات المنزلية 
  • الاعتماد المستمر على الملينات 
  • وجود دم في البراز أو على المناديل 
  • ألم أو انتفاخ مستمر في البطن 
  • الغثيان أو القيء المصاحب للإمساك 
  • فقدان الوزن غير المبرر 
  • الشعور بعدم الإفراغ الكامل 
  • تناوب بين الإمساك والإسهال 
  • صعوبة التبول أو احتباس البول 
  • إمساك مزمن أثناء الحمل أو بعد الولادة 
  • الأطفال الذين يعانون من دم في البراز، أو ألم شديد، أو حوادث تسريب البراز المتكررة 
  • في حالة الشك في أن الدواء يسبب الإمساك

علاج الإمساك

في مستشفى ريم، نتبع نهجًا شاملًا وشخصيًا لعلاج الإمساك، يشمل: 

1. التعديلات الغذائية: 

  • زيادة تناول الألياف (الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة) 
  • شرب كميات كافية من الماء 

2. النشاط البدني: 

حتى التمارين البسيطة مثل المشي أو اليوغا مفيدة وهناك أيضاً تمارين خاصة لتنشيط الهضم. 

3. الأدوية: 

بإشراف طبي: 

  • ملينات خفيفة عند الحاجة 
  • تحاميل للأطفال عند عدم كفاية النظام الغذائي 
  • حقن شرجية في الحالات الشديدة 

4. العلاجات المنزلية: 

  • أطعمة طبيعية ملينة: مثل عصير البرقوق، الكيوي، البابايا، الموز الناضج، الشوربة الدافئة 
  • تدليك البطن وحمام دافئ: فعال للأطفال والبالغين لتخفيف التوتر وتحفيز التبرز 

5. التدخلات الطبية: 

  • استبعاد الحالات الطارئة مثل انسداد الأمعاء 
  • استخدام الفحوصات التصويرية عند الحاجة 
  • علاج الحالات المعقدة مثل التهاب القولون التقرحي

الخلاصة:

الإمساك مشكلة شائعة أكثر مما يُعتقد، وقد يكون له تأثيرات تتجاوز مجرد الجهاز الهضمي، ليشمل النوم، الحالة المزاجية، والطاقة العامة. 

في مستشفى ريم، نأخذ بعين الاعتبار أن كل حالة فريدة بذاتها، لذا نصمم خطة علاج مناسبة لنمط حياة كل مريض، تشمل التاريخ الطبي، النظام الغذائي، الأدوية والعوامل النفسية. 

لا تتردد في التواصل معنا إذا كنت تعاني من الإمساك المزمن. راحة جهازك الهضمي تبدأ بخطوة واحدة: الاهتمام.

مشاركه فى:

كتب بواسطة
د.رهف وجدي

كاتب محتوى طبي

الدكتورة رهف وجدي هي أخصائية أشعة نووية مصرية ومنشئة محتوى طبي تدمج خبرتها السريرية مع الإبداع الرقمي. تتمتع بخبرة تزيد عن خمس سنوات في كتابة المحتوى الطبي باللغتين العربية والإنجليزية، وهي مكرسة لتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وجعلها في متناول جمهور...

تواصل معنا

الموقع