مع دخول فصل الصيف في دولة الإمارات، يرتبط هذا الوقت عادةً بالسفر والتجمعات والأنشطة الخارجية. لكن في الخلفية، يراقب خبراء الصحة عن كثب ثلاثية غير معتادة من التهديدات الفيروسية التي تواصل الانتشار رغم ارتفاع درجات الحرارة. فأنماط المناعة المتغيرة بعد الجائحة، إلى جانب السفر الدولي والبيئات الداخلية المكيفة، تساهم في استمرار انتشار العدوى التنفسية، مما يجعل اليقظة ضرورية حتى خارج موسم الإنفلونزا التقليدي.
في هذه المدونة، نسلط الضوء على ثلاثة فيروسات تهدد الصحة العامة في دولة الإمارات، لكل منها تحدياته الفريدة. أولاً، فيروس H1N1 (إنفلونزا الخنازير) الذي يُظهر نشاطًا غير معتاد خارج موسمه المعتاد، مع استمرار تسجيل حالات جديدة. ثانيًا، إنفلونزا الطيور H5 (الأنفلونزا الطيرية) تنتشر عالميًا بين الطيور والثدييات، رغم عدم تسجيل أي إصابات بشرية حتى الآن في الدولة. ثالثًا، فيروس كوفيد-19 يعود مجددًا إلى الواجهة مدفوعًا بالمتحور الجديد NB.1.8.1، مع ارتفاع معدلات إيجابية الفحوصات في المنطقة. هذا الوضع المتغير يتطلب إعادة التركيز على الوقاية، والكشف المبكر، والتطعيم في الوقت المناسب.
عودة انتشار إنفلونزا الخنازير في الإمارات
ما هو فيروس H1N1؟
فيروس H1N1، المعروف باسم “إنفلونزا الخنازير”، هو أحد أنواع فيروسات الإنفلونزا A ويشبه إلى حد كبير الإنفلونزا الموسمية، لكنه يتميز ببعض الاختلافات. ينتقل عن طريق الرذاذ الدقيق الذي يخرج من المصاب عند السعال أو العطس أو حتى التحدث. ويمكن أن ينتقل أيضًا من خلال لمس الأسطح الملوثة ثم لمس الوجه، خصوصًا الفم أو الأنف أو العينين.
تتضمن أعراض إنفلونزا الخنازير الشائعة الحمى، التهاب الحلق، السعال، آلام الجسم، والتعب، لكنه قد يسبب أيضًا مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإسهال أو القيء، خصوصًا لدى الأطفال. وتكون شدته أكبر على الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل الحوامل، وكبار السن، والأطفال الصغار، والمصابين بأمراض مزمنة مثل الربو أو السكري أو أمراض القلب.
الاتجاهات في الإمارات:
ذروة النشاط في نوفمبر: كان فيروس إنفلونزا الخنازير أكثر أنواع الإنفلونزا شيوعًا في الشتاء الماضي، حيث تم الإبلاغ عن حوالي 200 حالة مؤكدة أسبوعيًا. العديد منها كان مرتبطًا بعدوى مزدوجة، مثل الإصابة بإنفلونزا الخنازير إلى جانب عدوى بكتيرية مثل المتفطرة الرئوية (Mycoplasma pneumoniae) التي تسبب أعراضًا شبيهة بالالتهاب الرئوي.
من ديسمبر حتى فبراير: بعد الذروة في نوفمبر، انخفض عدد الحالات الأسبوعية إلى ما بين 10 و20 حالة، وهو رقم لا يزال أعلى من المعدل الطبيعي لنهاية موسم الإنفلونزا.
ورغم انخفاض الحالات بعد ديسمبر، إلا أن الفيروس لم يختفِ. لا يزال موجودًا وينتشر ويسبب الأمراض حتى في فصلي الربيع والصيف. لذلك، تبقى النظافة الجيدة، واليقظة، والتطعيم ضرورية خارج موسم الإنفلونزا المعتاد.
ما هي إنفلونزا الطيور (H5N1)؟
إنفلونزا الطيور يسببها فيروس يصيب الطيور في المقام الأول، لكنه قادر أحيانًا على إصابة حيوانات أخرى، وفي حالات نادرة، يصيب البشر. السلالة الأحدث والمثيرة للقلق عالميًا هي H5N1 clade 2.3.4.4b، وهي شديدة العدوى بين الطيور، خصوصًا في الطيور البرية، وقد تم اكتشافها الآن في أنواع متعددة من الحيوانات، بما في ذلك القطط، والأبقار، والماعز، وحتى الثدييات البحرية مثل الفقمات.
هل يمكن أن يُصاب البشر به؟
نعم، ولكن نادرًا جدًا. معظم الحالات البشرية ارتبطت بالاحتكاك المباشر مع الطيور المصابة أو البيئات الملوثة مثل أسواق الطيور أو المزارع. لا توجد أدلة واضحة حتى الآن على انتقال الفيروس من إنسان إلى آخر بسهولة، وهو أمر مطمئن، لكن لا يزال محل مراقبة دقيقة من قبل خبراء الصحة.
إنفلونزا الطيور في الإمارات: الوضع الحالي
حتى الآن، لم تُسجل أي إصابات بشرية بإنفلونزا الطيور في دولة الإمارات، وهو خبر جيد. ومع ذلك، تبقى السلطات حذرة؛ إذ تخضع مزارع الدواجن لمراقبة دقيقة، كما أن واردات الطيور تخضع لإجراءات صارمة. وتقوم الدولة باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع دخول الفيروس أو انتشاره داخل حدودها.
لمحة عن الوضع العالمي
حقق الفيروس انتشار واسع بين الطيور: عشرات الملايين من الطيور حول العالم ماتت أو تم إعدامها للحد من انتشار الفيروس.
سُجلت حالات انتقال الفيروس إلى الثدييات: عدد غير مسبوق من الحيوانات الأخرى، بما في ذلك القطط، والكلاب، والأبقار، والكائنات البحرية، أصيب بالفيروس خلال العام الماضي.
إصابات بشرية نادرة: وقعت حالات قليلة لأشخاص أصيبوا بمرض شديد أو توفوا بعد التعرض المباشر للفيروس. لا تزال هذه الحالات نادرة لكنها خطيرة.
الوضع بالنسبة للقاحات: توجد لقاحات للطيور، كما أن هناك لقاحات بشرية محدودة، لكنها لا تُستخدم على نطاق واسع إلا في حال تصاعد التهديد.
لماذا يُعتبر هذا الموضوع مهم؟
رغم أن إنفلونزا الطيور لم تتسبب حتى الآن في أي تفشيات بشرية في دولة الإمارات، فإن طريقة انتشارها بين الحيوانات عالميًا تثير قلق السلطات الصحية. الهدف هو أن تظل الدولة سابقة بخطوة، تراقب الوضع عن كثب، وتتحرك بسرعة عند الضرورة.
الأعراض الشائعة لإنفلونزا الطيور لدى البشر:
رغم ندرتها، يمكن أن تكون إصابات إنفلونزا الطيور خطيرة وتبدأ بأعراض مشابهة للإنفلونزا العادية ثم تتطور بسرعة.
الأعراض المبكرة (خلال 2–8 أيام من التعرض):
حمى شديدة (38 درجة مئوية أو أكثر)
سعال
التهاب في الحلق
سيلان أو انسداد في الأنف
آلام في العضلات وتعب عام
صداع
أعراض الجهاز الهضمي:
إسهال
غثيان أو قيء
ألم في البطن
(وهي أكثر شيوعًا في إنفلونزا الطيور مقارنة بالإنفلونزا الموسمية العادية).
الأعراض المتقدمة أو الخطيرة:
ضيق أو صعوبة في التنفس
ألم في الصدر
مرض تنفسي حاد مثل الالتهاب الرئوي
نوبات تشنج أو تغير في الحالة الذهنية (في الحالات الشديدة)
نزيف من الأنف أو اللثة (نادر ولكن ممكن في الإصابات الحرجة)
عودة كوفيد-19 والمتحور الجديد NB.1.8.1 في الإمارات العربية المتحدة
مع تغير أنماط انتشار الفيروسات خلال الصيف، يعاود فيروس كوفيد-19 الظهور عالميًا – والإمارات جزء من هذا الاتجاه.
ما هو المتحور NB.1.8.1؟
هو أحد “المتحورات قيد المراقبة” ، وقد تم اكتشافه لأول مرة في يناير 2025.
بحلول منتصف مايو، شكّل ما يقارب 10.7٪ من جميع حالات كوفيد-19 المُحللة حول العالم، مقارنة بـ2.5٪ فقط في أوائل أبريل – ما يشير إلى ارتفاع حاد.
يحتوي هذا المتحور على طفرات متعددة في بروتين يدعى (spike protein) يُعتقد أنها تعزز من قدرة الفيروس على الالتصاق بالخلايا البشرية والهروب جزئيًا من الأجسام المضادة.
ما يجب معرفته حول اللقاحات
اللقاحات المحدثة مثل النسخة الأحادية LP.8.1 ما زالت فعّالة في الوقاية من الأعراض الشديدة لهذا المتحور.
من الضروري الحفاظ على تحديث الجرعات المعززة، خاصةً لكبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة، والذين يعانون من ضعف المناعة.
الوضع في الإمارات
وصلت النسبة الإيجابية من فحوصات كوفيد-19 إلى ما بين 15% و17%، ما يشير إلى ارتفاع الإصابات بالتزامن مع الإنفلونزا خلال فصل الصيف.
أعراض متحور NB.1.8.1 من فيروس كوفيد-19 – عام 2025
أعراض تنفسية شائعة:
الحمى أو القشعريرة
السعال (غالبًا خفيف)
التهاب الحلق (قد يكون حادًا ويُشبه الشعور بشفرة الحلاقة بداخل الحلق)
انسداد أو سيلان الأنف
التعب وآلام الجسم والعضلات
الصداع
أعراض إضافية أو خفيفة:
بحة في الصوت وهي سمة مشتركة في عدة متحورات منها NB.1.8.1 وXFG وLF.7
فقدان حاسة الشم أو التذوق – أقل شيوعًا لكنه ما زال موجود
ضيق في التنفس لدى بعض الحالات
أعراض الجهاز الهضمي:
الإسهال
الغثيان والقيء
آلام المعدة
هذه الأعراض أكثر شيوعًا في NB.1.8.1 مقارنة بالمتحورات السابقة، وتُصيب نحو 30% من المرضى في بعض المناطق.
الفئات الأكثر عرضة:
كبار السن، وأصحاب المناعة الضعيفة، والمصابون بأمراض مزمنة، خصوصًا غير المُطعمين.
ما الذي يمكنك فعله
تعامل معه كما تعاملت مع باقي المتحورات: الراحة، الإكثار من السوائل، واستخدام أدوية خفيفة لتخفيف الأعراض.
راقب الأعراض: في حال استمرار مشاكل المعدة أو صعوبة التنفس، استشر الطبيب.
ابق محميًا: الكمامة، النظافة الشخصية، والتطعيمات المحدثة (بما في ذلك المعززات) تظل فعالة.
أجرِ الفحص عند الشك: الكشف المبكر يمنع الانتشار ويؤمن العلاج السريع.
استراتيجية الحماية المتكاملة في مواجهة التهديدات الثلاثة:
ابدأ بالنظافة:
اغسل يديك لمدة 20 ثانية أو استخدم معقم يحتوي على 70٪ كحول على الأقل.
تجنب لمس وجهك بعد لمس الأسطح العامة.
الكمامة والتباعد:
ارتدِ الكمامات في الأماكن المغلقة والمزدحمة.
حافظ على مسافة (1–2 متر) من الأشخاص المصابين بأعراض.
السعال والعطس بشكل صحي:
غطِ فمك عند السعال أو العطس باستخدام المرفق أو منديل.
تخلص من المنديل فورًا بعد الاستخدام.
ابقَ في المنزل عند المرض:
اعزل نفسك عند أول ظهور للأعراض مثل الحمى أو السعال أو آلام الجسم.
تجنب الذهاب إلى المدرسة أو العمل إذا شعرت بأعراض شبيهة بالإنفلونزا.
التعقيم والتطهير:
نظّف الأسطح التي تُستخدم بكثرة: الهواتف، أجهزة التحكم، مقابض الأبواب.
لا تشارك الأغراض الشخصية مثل المناشف أو فرش الأسنان.
راقب العلامات الخطرة: اطلب المساعدة الطبية فورًا في حال ظهور:
صعوبة في التنفس
ألم في الصدر أو البطن
دوخة أو ارتباك مفاجئ
إسهال أو قيء شديد
لا تؤجل التطعيم:
لقاحات الإنفلونزا تقي من إنفلونزا الخنازير وسلالات أخرى.
معززات كوفيد مثل LP.8.1 تظل ضرورية للفئات المعرضة للخطر.
إنفلونزا الطيور: لا يوجد لقاح بشري متاح حاليًا، فقط لقاحات بيطرية.
رعاية طبية منزلية من “فيرست ريسبونس” – دعم قريب من منزلك
بالتعاون مع هيئة الصحة بدبي (DHA) ودائرة الصحة أبوظبي (DOH)، تقدم First Response:
تطعيمات الإنفلونزا وكوفيد-19 في المنزل
اختبارات PCR واختبارات سريعة للتشخيص
استشارات عبر التطبيب عن بُعد، بما في ذلك وصف مضادات الفيروسات
إرشادات للرعاية في المنزل، خاصةً للأطفال، والحوامل، وكبار السن
التشخيص وخيارات العلاج
الفيروس
التشخيص
العلاج
إنفلونزا الخنازير H1N1
اختبار سريع (RIDT) أو PCR؛ مع أعراض سريرية (حمى، سعال، إسهال)
راحة، سوائل، أدوية بدون وصفة؛ أوسيلتاميفير للحالات عالية الخطورة
كوفيد-19
فحص PCR أو أنتيجن؛ وإجراء تسلسل جيني لتحديد المتحور
أوسيلتاميفير/زاناميفير؛ دخول المستشفى في الحالات الخطيرة؛ دعم تنفسي وعلاجي
الخلاصة
رغم انتهاء فصل الشتاء، لم تنتهِ التهديدات التنفسية. في الإمارات، لا تزال حالات H1N1 قائمة، ومخاطر إنفلونزا الطيور مستمرة عالميًا، وكوفيد-19 يعود من جديد. ومع دخول أشهر الصيف:
لا تتهاون، التزم بالنظافة وتجنب الاختلاط عند الشعور بالتوعك.
حافظ على التطعيمات على مدار العام، خاصة عند السفر أو إذا كنت من الفئات المعرضة للخطر.
كن يقظًا للأعراض ولا تتردد في إجراء الفحص أو العزل عند اللزوم.
استفد من خدمات الرعاية المنزلية: التطبيب عن بُعد، الفحوصات المتنقلة، والتطعيمات في المنزل.
تستمر “فيرست ريسبونس للرعاية الصحية” في دعم صحتك طوال العام عبر رعاية طبية منزلية متخصصة، لقاحات موسمية، فحوصات كوفيد، واستشارات ثنائية اللغة.
الدكتورة رهف وجدي هي أخصائية أشعة نووية مصرية ومنشئة محتوى طبي تدمج خبرتها السريرية مع الإبداع الرقمي. تتمتع بخبرة تزيد عن خمس سنوات في كتابة المحتوى الطبي باللغتين العربية والإنجليزية، وهي مكرسة لتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وجعلها في متناول جمهور...