الجدري المائي هو فيروس ينتمي إلى عائلة فيروسات الهربس (Herpes Zoster). يُعد من الأمراض المعدية، ولكن لا يُصاب الشخص به عادةً أكثر من مرة واحدة طوال حياته. وعلى الرغم من كونه شديد العدوى لمن لم يسبق لهم الإصابة أو التطعيم، فإن الإصابة الأولى تؤدي إلى تكوين ذاكرة مناعية في الجسم، مما يجعل تكرار العدوى أمرًا نادرًا، خاصةً لدى البالغين.
ينتقل الفيروس من شخص إلى آخر عبر الاتصال المباشر، أو من خلال استنشاق رذاذ الهواء الناتج عن السوائل الموجودة في البثور الجلدية لمرضى الجدري النشط. كما يمكن أن ينتقل أيضًا عن طريق الإفرازات التنفسية المصابة، التي قد تصبح رذاذًا هوائيًا.
التطعيم ضد الجدري المائي يُعد وسيلة فعالة وآمنة للحماية من الفيروس.
في هذه المدونة، سنناقش أعراض المرض وأسبابه وعوامل الخطر والعلاج. كما يمكنك التعرف على طرق الوقاية والعلاجات المنزلية لتثقيف نفسك بكيفية التعامل مع هذه الحالة.
ما هو الجدري المائي؟
هو عدوى فيروسية يسببها فيروس الحماق النطاقي (Varicella-Zoster Virus). وتستمر من 7 إلى 21 يومًا، وتكون معدية خلال اليومين الأولين قبل ظهور الطفح الجلدي، وحتى تجف البثور وتتقشر تمامًا.
أعراض الجدري المائي
تظهر الأعراض على مرحلتين:
المرحلة الأولى: قبل ظهور الطفح الجلدي (المرحلة الكامنة)
وتُعد المرحلة الأكثر عدوى، وتشمل الأعراض الشائعة ما يلي:
- الحمى
- التعب والإرهاق
- فقدان الشهية
- الصداع
المرحلة الثانية: بعد ظهور الطفح الجلدي
يظهر الطفح الجلدي بعدة أشكال، منها:
- نتوءات وردية أو حمراء مرتفعة
- بثور مملوءة بالسوائل قد تنفجر
- قشور وجُلَب تتكون بعد انفجار البثور وتستغرق وقتًا للشفاء قد يكون الطفح الجلدي مصحوبًا بحكة شديدة، خاصةً بعد انفجار البثور، إذ تحتوي على مواد تهيج الجلد.
وفي الحالات الشديدة، قد يغطي الطفح الجلد بالكامل ويصل إلى الحلق، العينين، المهبل وفتحة الشرج.
أسباب الإصابة بالجدري المائي
السبب الرئيسي هو التعرض لفيروس الحماق النطاقي. بعد دخول الفيروس إلى الجسم، يتكاثر في الجهاز التنفسي، ثم ينتشر عبر مجرى الدم، مسببًا الأعراض النموذجية مثل الحمى، التعب وظهور الطفح الجلدي المكون من بثور مملوءة بسائل يهيج الجلد، تلك البثور لاحقًا ما تتقشر.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بالجدري المائي
رغم أن الجدري المائي شائع لدى الأطفال، إلا أنه يمكن أن يصيب الأشخاص من جميع الأعمار ممن لم يسبق لهم الإصابة أو لم يتلقوا اللقاح.
يبقى الفيروس معديًا من يوم إلى يومين قبل ظهور الطفح الجلدي وحتى تتحول جميع البثور إلى قشور، أي في العادة من 5 إلى 7 أيام بعد ظهور الطفح.
تشمل عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة ما يلي:
- الاتصال المباشر: الاقتراب من شخص مصاب خلال المرحلة المعدية يزيد من احتمالية العدوى.
- عدم التطعيم: الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم أكثر عرضة للإصابة بالجدري المائي.
- ضعف المناعة: الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو يخضعون للعلاج الكيميائي أو العلاجات المثبطة للمناعة معرضون للإصابة بشكل أكثر حدة.
- الحمل: النساء الحوامل غير المصابات سابقًا أو اللواتي لم يتلقين التطعيم معرضات لمضاعفات لهن ولأطفالهن في حال العدوى أثناء الحمل.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة الشديدة بالجدري المائي:
- حديثو الولادة والرضع من أمهات لم يُصبن بالجدري المائي من قبل
- المدخنون
- المراهقون والبالغون
- النساء الحوامل اللاتي لم يُصبن بالمرض
- الأشخاص المصابون بضعفٍ مناعي
- المرضى الذين يتعاطون الكورتيزون لفترات طويلة لعلاج أمراض مثل الربو
تشخيص الجدري المائي
تُعد الأعراض السريرية وحدها كافية لتشخيص الجدري المائي، ولا توجد حاجة لإجراء اختبارات لتأكيد التشخيص.
علاج الجدري المائي
عادةً ما تختفي عدوى الجدري المائي من تلقاء نفسها خلال أسبوع إلى أسبوعين. ولتسريع عملية الشفاء، يمكن اتباع الإجراءات التالية:
- وضع قطعة قماش باردة على الطفح الجلدي، والحفاظ عليه جافًا بعيدًا عن الاحتكاك بأي سطح.
- شرب كميات كافية من السوائل.
- الحفاظ على برودة جسم الطفل.
- تشجيع الطفل على عدم الحكة، وقص أظافره لتجنب جرح نفسه أثناء الحكة.
- وضع لوشن يحتوي على مضادات الهيستامين على الطفح الجلدي.
- تناول أقراص مضادات الهيستامين لتخفيف الحكة.
- تجنب إعطاء الطفل الأسبرين، لأنه قد يزيد الحالة سوءًا، ويمكن استخدام الأسيتامينوفين كبديل.
- لتجنب الجفاف، تأكد من شرب الطفل لكميات كافية من السوائل.
- يمكن النظر في إعطاء الطفل حبوب “أسيكلوفير” أو “فالايسيكلوفير” المضادة للفيروسات لفئات معينة من المعرضين لخطورة أكبر للإصابة بعدوى الجدري المائي المعتدلة إلى الشديدة.
الفئات المعرضة للخطر تشمل:
- الأصحاء الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا.
- الأشخاص الذين يعانون من أمراض جلدية أو تنفسية مزمنة.
- الأشخاص الذين يتلقون علاجًا طويل الأمد بالأسبرين.
- الأشخاص الذين يتلقون كورتيكوستيرويدات بشكل متقطع أو على شكل بخاخ.
- قد يختار بعض مقدمي الرعاية الصحية استخدام دواء أسيكلوفير أو فالايسيكلوفير للحالات الثانوية داخل العائلة. للحصول على أقصى فائدة، يجب إعطاء العلاج خلال أول 24 ساعة من بدء الطفح الجلدي.
- لا يُوصى باستخدام أسيكلوفير أو فالايسيكلوفير في الأطفال الأصحاء الذين يعانون من حالات جدري مائي معتادة وغير معقدة.
نمط الحياة والعلاجات المنزلية للجدري المائي
للمساعدة في تخفيف أعراض الجدري المائي، خاصةً الحكة، يُنصح باتباع ما يلي:
- تجنب حك الجلد المصاب، والحفاظ عليه جافًا ومغطى.
- استخدام لوشن مهدئ وارتداء قفازات، خصوصًا أثناء النوم.
- قص الأظافر.
- وضع كمادات باردة أو ثلج على الطفح لتخفيف الحكة.
مضاعفات الجدري المائي
نادراً ما تحدث مضاعفات بسبب الجدري المائي، لكن في بعض الحالات، ونتيجة لعوامل متعددة، قد تتطور الحالة إلى واحد أو أكثر من المضاعفات التالية:
- عدوى بكتيرية في الجلد أو العظام أو الأنسجة الرخوة أو المفاصل أو مجرى الدم (تعفن الدم).
- متلازمة راي (Reye’s syndrome): حالة خطيرة قد تصيب الأطفال الذين يتناولون الأسبرين خلال فترة الإصابة بالجدري المائي. تظهر بعد أسبوع إلى أسبوعين من العدوى، وتشمل أعراضها الغثيان، التقيؤ، فقدان الوعي، وقد تصل إلى الغيبوبة. وهي حالة مهددة للحياة قد تُسبب تلفًا في الدماغ.
- الجفاف.
- التهاب الدماغ (التهاب دماغي).
- الوفاة (في حالات نادرة جدًا).
الوقاية من الجدري المائي
يُعطى لقاح الجدري المائي للأطفال للوقاية من العدوى.
يُؤخذ اللقاح على جرعتين على الأقل:
- الجرعة الأولى بين عمر 12 و15 شهرًا.
- الجرعة الثانية بين عمر 4 و6 سنوات.
إذا لم يحصل الطفل على اللقاح قبل بلوغه 13 عامًا، يجب إعطاؤه جرعتين بفاصل لا يقل عن 28 يومًا.
يُمنع أخذ اللقاح في الحالات التالية:
- الحساسية من مكونات اللقاح.
- الحمل.
- ضعف الجهاز المناعي.
- الإصابة بمرض السل.
- الحالة الصحية غير الجيدة.
- الخضوع مؤخرًا لنقل دم أو تلقي لقاح حي آخر مثل لقاح الحمى الصفراء، الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية ، أو لقاح الإنفلونزا.
الخلاصة
على الرغم من أن الجدري المائي يُرى عادةً في مرحلة الطفولة، إلا أنه يمكن أن يؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار ويؤدي إلى مضاعفات إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. فهم الأعراض والأسباب والتدابير الوقائية يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر المرتبطة بالعدوى. تظل التطعيمات هي الطريقة الأكثر فعالية للوقاية من الجدري المائي، مما يحمي الأفراد والمجتمعات. كما هو الحال دائمًا، يجب استشارة مختص في الرعاية الصحية إذا كانت لديك أي مخاوف، خاصة إذا ظهرت مضاعفات أو إذا كنت في مجموعة عالية المخاطر.