التهاب الكبد الوبائي C هو عدوى فيروسية تصيب الكبد يسببها فيروس التهاب الكبد C. ينتقل هذا الفيروس عادةً عبر الاتصال المباشر بالدم، ويمكن أن يؤدي إلى أضرار خطيرة ومزمنة في الكبد إذا تُرك دون علاج. في هذه المدونة، سنستعرض كل ما تحتاج لمعرفته عن التهاب الكبد سي، بدءًا من العلامات المبكرة وكيفية انتقاله، وصولاً إلى الفحوصات المتقدمة، وأحدث العلاجات الدوائية المضادة للفيروسات، ونصائح نمط الحياة والتغذية، والمضاعفات الجديدة التي قد تظهر.

ما هو التهاب الكبد الوبائي C؟

يشير التهاب الكبد الوبائي C إلى التهاب الكبد الناتج عن العدوى بفيروس HCV، وهو فيروس يحتوي على الحمض النووي RNA أحادي السلسلة تم اكتشافه عام 1989. يؤثر الفيروس بشكل رئيسي على خلايا الكبد، مسببًا الضرر من خلال تأثيرات فيروسية مباشرة واستجابات مناعية.

كيف ينتقل التهاب الكبد الوبائي C؟

التهاب الكبد الوبائي C هو مرض ينتقل عن طريق الدم من خلال:

  • استخدام الإبر أو الحقن المشتركة (تشكل خطر مرتفع)
  • الممارسات الطبية أو علاجات الأسنان غير الآمنة
  • إصابات الإبر لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية
  • الوشم أو ثقب الجسم بدون معدات معقمة
  • نادرًا ما ينتقل عن طريق الجنس أو من الأم إلى الطفل عند الولادة
  • لا ينتقل عن طريق العناق، أو مشاركة الأدوات، أو الرضاعة الطبيعية، أو التواصل العادي

الأعراض المبكرة والمظاهر خارج الكبد

العديد من الأشخاص المصابين بفيروس التهاب الكبد C الحاد لا تظهر عليهم أعراض. وعندما تظهر الأعراض، فقد تشمل: المظاهر الكبدية:

  • اليرقان، البول الداكن، البراز الفاتح، الحمى
  • التعب، فقدان الشهية، الغثيان، الانزعاج في البطن
  • الحمى وآلام المفاصل المظاهر خارج الكبد: هي حالات صحية تحدث خارج الكبد نتيجة العدوى المزمنة بفيروس التهاب الكبد الوبائي C. تنجم هذه المضاعفات عن نشاط الجهاز المناعي الذي يُحفَّز بسبب الفيروس، وقد تؤثر على عدة أعضاء. ومن المظاهر الشائعة خارج الكبد:
  • البردية المختلطة (Mixed cryoglobulinemia): التهاب الأوعية الدموية يسبب التعب، آلام المفاصل، الطفح الجلدي وتلف الكلى
  • الحزاز المسطح (Lichen planus): آفات جلدية أرجوانية حاكة أو بقع بيضاء داخل الفم أو على الأعضاء التناسلية. يُعتقد أنه اضطراب مناعي ذاتي ويرتبط أحيانًا بعدوى التهاب الكبد سي
  • لمفوما لاهودجكينية (Non-Hodgkin lymphoma): نوع من سرطان الدم مرتبط بعدوى التهاب الكبد C المزمنة
  • داء السكري من النوع الثاني ومقاومة الإنسولين: بسبب تأثير HCV على استقلاب الجلوكوز
  • اضطرابات الغدة الدرقية: مثل قصور أو فرط نشاط الغدة الدرقية
  • متلازمة شوغرن (Sjögren’s syndrome): جفاف العينين والفم نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي للغدد الصماء
  • التهاب كبيبات الكلى (Glomerulonephritis): التهاب الكلى يؤدي إلى تسرب البروتين في البول أو الفشل الكلوي
  • الاعتلال العصبي الطرفي (Peripheral neuropathy): تلف الأعصاب يسبب تنميلًا أو وخزًا في اليدين والقدمين قد تظهر هذه المظاهر حتى في حالة وجود مرض كبدي خفيف، وغالبًا ما تتحسن أو تختفي بعد العلاج الناجح لالتهاب الكبد C.

كم من الوقت يستمر التهاب الكبد C؟

  • في حوالي 30٪ من الحالات، قد يُشفى التهاب الكبد سي الحاد خلال ستة أشهر.
  • في حوالي 70٪ من الحالات، تصبح العدوى مزمنة، غالبًا بدون أعراض، مما يزيد من مخاطر تليف الكبد وسرطان الكبد على مدى سنوات.

تشخيص التهاب الكبد سي: ما الفحوصات التي يجب إجراؤها؟

إليك ما قد يطلبه طبيبك:

الاختبارالغرض
فحص (ELISA)يُظهر التعرض الحالي أو السابق لفيروس  التهاب الكبد الوبائي C
فحص الحمض النووي   (PCR)يؤكد العدوى النشطة ويراقب الحمل الفيروسي
تحليل إنزيمات الكبديكشف الالتهاب الكبدي الناتج عن العدوى
اختبار النمط الجينييحدد نوع فيروس C لتوجيه العلاج
الفحوصات التصويرية: الموجات فوق الصوتية والفيبروسكانتقيم تليف الكبد والندبات (التشمع)
تقييم خارج الكبديتحقق من الحالات الأخرى المرتبطة بالتهاب الكبد الوبائي مثل تلف الكلى أو الطفح الجلدي

علاج التهاب الكبد C

أصبح بالإمكان الآن شفاء أكثر من 95٪ من حالات التهاب الكبد C.

مضادات الفيروسات المباشرة (DAAs): العلاج الحديث لالتهاب الكبد C

أحدثت مضادات الفيروسات المباشرة (DAAs) ثورة في علاج التهاب الكبد سي، حيث حولت هذا المرض المزمن والخطير إلى حالة قابلة للشفاء بدرجة كبيرة لمعظم المرضى. بخلاف العلاجات القديمة المعتمدة على الإنترفيرون، يتم تناول DAAs عن طريق الفم، وتعمل بسرعة، وتسبب آثارًا جانبية أقل. تستهدف DAAs خطوات محددة في دورة تكاثر فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي C. من خلال إيقاف هذه الخطوات، تمنع الفيروس من التكاثر، وتقلل الالتهاب الكبدي، وتؤدي في النهاية إلى استجابة فيروسية مستدامة، والتي تُعتبر شفاءً تامًا.

  • سوفوسبوفير / فيلباتاسفير (الاسم التجاري: Epclusa): قرص يعالج جميع أنماط فيروس C خلال 12 أسبوعًا.
  • جليكابريفير / بيبرينتاسفير (الاسم التجاري: Mavyret): تركيبة فعّالة للغاية ومعتمدة للعلاج لمدة 8 أسابيع لدى معظم المرضى، حتى أولئك الذين فشلوا في العلاج سابقًا أو يعانون من أمراض مصاحبة. أكدت دراسة سريرية حديثة في عام 2025 أن تركيبة Mavyret حققت معدل شفاء بلغ 96٪ لالتهاب الكبد C الحاد خلال 8 أسابيع فقط.

الآثار الجانبية لمضادات DAAs:

يتحمل معظم المرضى مضادات DAAs بشكل جيد. وتكون الآثار الجانبية خفيفة عادةً، وقد تشمل:

  • صداع
  • تعب
  • غثيان
  • اضطرابات في النوم هذه الآثار الجانبية أقل بكثير من العلاجات القديمة، مما يسهل الالتزام بالعلاج ويُحسّن النتائج. يؤدي العلاج الناجح إلى استجابة فيروسية مستدامة مع عدم وجود RNA لفيروس HCV يمكن اكتشافه بعد أشهر من العلاج، مما يقلل من الوفيات المرتبطة بالكبد بأكثر من 75٪. كما أن المتابعة المنتظمة بعد العلاج تساهم في تعافي الكبد والتعامل مع أي مضاعفات محتملة.

مضاعفات التهاب الكبد سي

إذا تُرك التهاب الكبد سي المزمن دون علاج، فقد يؤدي إلى:

تليف الكبد وفشل الكبد:

تليف الكبد هو حالة يُستبدل فيها نسيج الكبد السليم تدريجيًا بندب دائمة (تليف)، مما يُضعف قدرة الكبد على أداء وظائفه. يحدث ذلك عندما يستمر التهاب HCV المزمن لسنوات أو عقود دون تدخل. تشمل أعراض تليف الكبد:

  • التعب والضعف
  • سهولة الإصابة بالكدمات أو النزيف
  • تورم في الساقين أو البطن (الاستسقاء)
  • توسع الشعيرات الدموية على الجلد
  • اصفرار الجلد أو العينين (اليرقان)

سرطان الكبد (Hepatocellular carcinoma)

يزيد التهاب الكبد C المزمن بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وهو أكثر أنواع سرطان الكبد الأولي شيوعًا. يكون الخطر أكبر لدى المرضى الذين يعانون من تليف الكبد، لكنه قد يحدث أيضًا في حالات لا تعاني من التليف. غالبًا ما يتطور سرطان الكبد بصمت، وقد لا يُسبب أعراضًا حتى يصل إلى مراحل متقدمة. لذلك يُنصح بإجراء مراقبة منتظمة باستخدام التصوير (مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية كل 6 أشهر) واختبار الدم لمؤشر ألفا-فيتو بروتين (AFP) للأشخاص المعرضين للخطر.

الاعتلال الدماغي الكبدي:

مع تدهور وظائف الكبد، يصبح الجسم غير قادر على تصفية السموم بفعالية، خصوصًا الأمونيا. تتراكم هذه السموم وتصل إلى الدماغ، مسببة اعتلالًا دماغيًا كبديًا، وهي مضاعفة خطيرة تتمثل في:

  • التشوش أو فقدان الذاكرة
  • صعوبة في التركيز
  • النعاس أو حتى الغيبوبة في الحالات الشديدة يمكن عكس هذه الحالة بالعلاج، ولكنها غالبًا ما تتكرر في المراحل المتأخرة من أمراض الكبد.

فشل الكبد

فشل الكبد (أو تليف الكبد غير المعوّض) يحدث عندما يعجز الكبد عن أداء وظائفه الأساسية مثل:

  • معالجة العناصر الغذائية
  • إنتاج عوامل التخثر
  • إزالة السموم من الدم
  • تنظيم الهرمونات تشمل العلامات: اليرقان الشديد، النزيف، الاستسقاء، العدوى، والاعتلال الدماغي. في هذه المرحلة، قد يكون زراعة الكبد هو الحل طويل الأمد الوحيد.

مضاعفات خارج الكبد

مثل البردية المختلطة، أمراض الكلى، الحزاز المسطح، الطفح الجلدي، وآلام المفاصل.

الوقاية والاحتياطات

1. ضمان سلامة الدم

في أنظمة الرعاية الصحية الحديثة، يتم فحص جميع التبرعات بالدم بدقة للكشف عن فيروس التهاب الكبد C. ومع ذلك، يجب أن يكون الأفراد الذين يخضعون لعمليات نقل الدم أو زراعة الأعضاء – خاصةً في البلدان ذات الموارد المحدودة – على دراية بالمخاطر. في مستشفى ريم، نلتزم ببروتوكولات صارمة لفحص فيروس C لضمان نقل دم آمن.

2. ممارسات آمنة لاستخدام الإبر

يُعد تبادل الإبر أو الحقن أو أي معدات لحقن الأدوية من أكثر الطرق شيوعًا لانتقال فيروس التهاب الكبد سي. للوقاية من العدوى:

  • لا تشارك أبدًا الأدوات الشخصية التي قد تكون ملوثة بالدم (كشفرات الحلاقة، مقصات الأظافر، أجهزة قياس السكر).
  • استخدم دائمًا إبرًا وحقنًا جديدة ومعقمة للحقن الطبي أو العلاجات الوريدية.
  • يجب تشجيع الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات على اللجوء إلى خدمات تقليل الضرر والعلاج.

3. اختر أماكن مرخصة وآمنة للوشم والثقوب

يمكن أن تحمل عمليات الوشم وثقب الجسم خطرًا كبيرًا للإصابة بفيروس التهاب الكبد C إذا لم يتم تعقيم الأدوات بشكل مناسب. لتقليل هذا الخطر:

  • زر فقط الأماكن المرخصة والنظيفة.
  • تأكد من فتح الإبر والأحبار ذات الاستخدام الواحد أمامك.
  • تحقق من أن الرسامين والفنيين يتبعون إجراءات تعقيم صارمة.

4. احمِ نفسك في بيئات الرعاية الصحية

يواجه العاملون في القطاع الصحي خطر إصابات الوخز بالإبر، والتي قد تصل نسبة انتقال العدوى فيها إلى 3٪ عند التعرض لدم شخص مصاب بالفيروس. وتقلل المستشفيات هذا الخطر من خلال:

  • الاحتياطات العامة: توفير القفازات، الكمامات، وتعقيم الأدوات
  • التخلص الآمن من الأدوات الحادة
  • بروتوكولات ما بعد التعرض لمراقبة العدوى المحتملة ومعالجتها إذا لزم الأمر كما يستفيد المرضى من هذه المعايير لأنها تقلل من خطر التلوث المتبادل أثناء الإجراءات مثل الحقن، الجراحة، أو العناية بالأسنان.

نظام غذائي ونمط حياة صحي لمرضى التهاب الكبد C

ادعم صحة كبدك من خلال:

  • تناول الفواكه والخضروات الطازجة
  • الحبوب الكاملة والبروتينات الخفيفة
  • تقليل تناول الكحول، الدهون المشبعة، والأطعمة المصنعة
  • الحفاظ على الترطيب والنشاط البدني

توصيات الفحص للكشف عن التهاب الكبد سي

  • يُوصى بإجراء فحص لمرة واحدة على الأقل لجميع البالغين

هل كنت تعلم؟

  • 75٪ من المصابين لا يعلمون بإصابتهم – وبذلك يُعد وباءً صامتًا
  • يمكن أن تزيد عدوى فيروس C من خطر الإصابة بأنواع سرطانية خارج الكبد مثل اللمفوما

الخلاصة

يُعد التهاب الكبد سي مرضًا كبديًا خطيرًا ولكن قابل للعلاج. الكشف المبكر من خلال فحوصات الدم والعلاج باستخدام مضادات الفيروسات المباشرة (DAAs) يحقق معدل شفاء يزيد عن 95٪. ويُعد اتباع نمط حياة صحي، وممارسات وقائية، والمتابعة الطبية المستمرة عوامل ضرورية. مستشفى ريم يقدم رعاية شاملة تشمل الفحص، والعلاج، والمراقبة، والدعم لمساعدتك على عيش حياة خالية من التهاب الكبد.

مشاركه فى:

كتب بواسطة
د.رهف وجدي

كاتب محتوى طبي

الدكتورة رهف وجدي هي أخصائية أشعة نووية مصرية ومنشئة محتوى طبي تدمج خبرتها السريرية مع الإبداع الرقمي. تتمتع بخبرة تزيد عن خمس سنوات في كتابة المحتوى الطبي باللغتين العربية والإنجليزية، وهي مكرسة لتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وجعلها في متناول جمهور...

تمت مراجعته طبيا من قبل
د. عماد الرحماني

استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والتنظير - رئيس القسم

الدكتور عماد الرحماني هو استشاري أمراض الجهاز الهضمي وأمراض الكبد في مستشفى ريم، يختص في مجال أمراض الجهاز الهضمي بأنواعها. وهو حاصل على شهادات البورد الأمريكي في أمراض الجهاز الهضمي والكبد والطب الباطني ولديه خبرة واسعة في العمل مع بعض...

تعرف على أخصائيي التهاب الكبد لدينا

د. عماد الرحماني

قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد
استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والتنظير - رئيس القسم
حجز موعد

د. لؤي الرويلي

قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد
أخصائي أمراض الجهاز الهضمي والكبد
حجز موعد

تواصل معنا

الموقع