آلام المعدة قد تظهر وتختفي، وغالبًا ما نلوم الطعام أو التوتر. ولكن عندما يعود ذلك الألم المزعج مرارًا، خصوصًا بعد تناول الطعام أو عند الشعور بالجوع، فقد يكون الأمر أكثر من مجرد عسر هضم. قد تكون قرحة هضمية. 

القرحة الهضمية هي مشكلة شائعة بشكل أكبر مما يعتقد الكثيرون، إذ تصيب ملايين الأشخاص حول العالم. وعلى الرغم من أنها قابلة للعلاج، إلا أن إهمالها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. 

في هذه المدونة، سنكشف كل ما تحتاج معرفته عن القرحات الهضمية: ما هي، ما أسبابها، كيف يتم تشخيصها وعلاجها، وكيفية الوقاية منها منذ البداية. 

القرحات الهضمية هي تقرحات مفتوحة تتكوّن على بطانة المعدة الداخلية والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة. وهي مشكلة صحية شائعة تصيب الملايين حول العالم. فهم أسبابها، التعرف على أعراضها، ومعرفة خيارات العلاج المتاحة، كلها أمور ضرورية للإدارة الفعالة والتعافي.

ما هي القرحة الهضمية؟

تتكوّن القرحة الهضمية عندما يتآكل الغشاء المخاطي الواقي الذي يحمي الجهاز الهضمي، مما يسمح لحمض المعدة بإتلاف الأنسجة الواقعة تحته. وهناك نوعان رئيسيان: 

  • قرحة المعدة: تتكوّن داخل المعدة. 
  • قرحة الإثنى عشر: تتكوّن داخل الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة (الاثني عشر).

أسباب القرحة الهضمية

تحدث القرحة الهضمية غالبًا نتيجة الأسباب التالية: 

  • جرثومة المعدة: هذا النوع من البكتيريا الحلزونية يعيش في بطانة المعدة، ويُعد السبب الرئيسي لمعظم القرحات الهضمية، إذ يدمّر الغشاء المخاطي الواقي، مما يجعل المعدة والاثني عشر عرضة للتلف الحمضي. 
  • الاستخدام طويل الأمد لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية : مثل الأسبرين، الإيبوبروفين، والنابروكسين، والتي يمكن أن تهيّج أو تلهب بطانة المعدة، خاصةً عند استخدامها بشكل متكرر أو لفترات طويلة. 

عوامل أخرى مساعدة: 

  • التدخين: يزيد من إنتاج حمض المعدة ويبطئ التئام القرحات الموجودة. 
  • الاستهلاك المفرط للكحول: يساهم في تآكل الغشاء المخاطي الواقي للمعدة، مما يجعلها عرضة لتأثير الأحماض القوية.

أعراض القرحة الهضمية

قد تختلف الأعراض بين شخص وآخر، وقد لا تظهر أي أعراض على البعض. لكن الأعراض الشائعة تشمل: 

  • ألم حارق في المعدة 
  • الغثيان 
  • التقيؤ المصحوب بالدم (أحمر أو أسود) 
  • البراز الأسود أو وجود دم في البراز 
  • فقدان الشهية وخسارة الوزن 

مضاعفات القرحات الهضمية غير المعالجة 

إذا لم يتم علاج القرحة بشكل صحيح، قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة: 

  • ثقب الأمعاء: يحدث عندما تُحدث القرحة ثقبًا في جدار المعدة أو الاثني عشر، مما يسبب التهابًا حادًا داخل البطن ويؤدي إلى ألم شديد بالبطن يتطلب رعاية طبية فورية. 
  • الانسداد: يحدث نتيجة تشكّل نسيج ندبي بعد التئام القرحات بشكل متكرر، مما يؤدي إلى تضييق في مجرى الطعام.

تشخيص القرحة الهضمية

لتشخيص القرحة الهضمية، سيقوم طبيب الجهاز الهضمي بأخذ التاريخ الطبي وإجراء فحص بدني. بعد ذلك، قد يطلب إجراء واحد أو أكثر من الفحوصات التالية: 

  • المنظار الداخلي: إجراء يستخدم أنبوبًا رفيعًا ومرنًا مزوّدًا بكاميرا، يتم إدخاله عن طريق الفم لفحص بطانة المعدة وقد يتم أخذ خزعة لتحليل الخلايا تحت المجهر. 
  • فحص الباريوم: سلسلة صور بالأشعة السينية تُلتقط بعد شرب محلول الباريوم لتحديد أي تضيق أو تغيّرات ناتجة عن القرحة. 
  • فحوصات الكشف عن جرثومة المعدة: تشمل فحوصات الدم، البراز، أو اختبار التنفس باليوريا للكشف عن وجود البكتيريا، كونها السبب الأكثر شيوعًا.

خيارات علاج القرحة الهضمية

يعتمد علاج القرحة الهضمية على السبب الكامن وراءها، وتشمل: 

  • علاج جرثومة المعدة:
    إذا كانت القرحة ناجمة عن هذه البكتيريا، فسيصف الطبيب مجموعة من المضادات الحيوية للتخلص منها، تؤخذ عادة لمدة 10 إلى 14 يومًا. 
  • مثبطات حمض المعدة : مثل أوميبرازول، لانسوبرازول، وإيزوميبرازول، والتي تقلل من إنتاج حمض المعدة وتساعد على التئام القرحة. 
  • مضادات مستقبلات الهيستامين : مثل فاموتيدين وسيميتيدين. تعمل بطريقة مشابهة لمثبطات مضخة البروتون لكنها قد تكون أقل فعالية. 
  • مضادات الحموضة: تعمل على معادلة الحمض الموجود في المعدة. 
  • عوامل حماية الغشاء المخاطي: تساعد في حماية بطانة المعدة من التآكل. 

في الحالات الشديدة أو عند حدوث مضاعفات كالنزيف أو ثقب الأمعاء، قد تكون الجراحة ضرورية.

هل يمكن أن تعود القرحات الهضمية؟

نعم، يمكن أن تعود خاصةً إذا لم يُعالج السبب الأساسي بشكل كامل. قد تعاود جرثومة المعدة الظهور إن لم يتم القضاء عليها تمامًا، كما أن الاستمرار في تناول مضادات الالتهاب أو التدخين يزيد من احتمالية تكرار الإصابة. لذلك، يُوصى بإجراء فحوصات متابعة للتأكد من زوال جرثومة المعدة.

تعديلات نمط الحياة والنظام الغذائي: كيف نمنع القرحة الهضمية؟

علاج القرحات الهضمية لا تقتصر على الأدوية فقط، بل تشمل تغييرات في نمط الحياة أيضًا: 

  • إجراء الفحوصات اللازمة ومعالجة جرثومة المعدة عند الحاجة 
  • تجنّب استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية إن أمكن، أو تناولها تحت إشراف طبي مع مناقشة البدائل مثل الباراسيتامول 
  • الحد من الكحول والإقلاع عن التدخين، إذ يعيقان عملية الشفاء

الخلاصة

القرحة الهضمية قد تُسبب إزعاجًا شديدًا، ولكن مع المعرفة السليمة والعلاج المناسب، يمكن السيطرة عليها تمامًا وغالبًا علاجها نهائيًا. سواء كنت تعاني من ألم حارق في المعدة، انتفاخ، غثيان، أو تغير في الشهية، فإن التعرف المبكر على الأعراض هو أول خطوة نحو الشفاء. 

تذكّر أن معظم القرحات تنتج عن جرثومة المعدة أو الاستخدام الطويل لمضادات الالتهاب، وكلاهما قابل للعلاج. والخبر السار هو أنه مع خطة العلاج المناسبة، يمكنك التمتع براحة طويلة الأمد وحماية صحة جهازك الهضمي. 

إذا كنت تعاني من ألم مستمر في المعدة أو تشك في وجود قرحة، لا تتردد. تحدث الآن مع أحد أخصائيي الجهاز الهضمي المتميزين في مستشفى “ريم” في أبوظبي للحصول على تشخيص دقيق وخطة علاج تناسب حالتك.

مشاركه فى:

كتب بواسطة
د.رهف وجدي

كاتب محتوى طبي

الدكتورة رهف وجدي هي أخصائية أشعة نووية مصرية ومنشئة محتوى طبي تدمج خبرتها السريرية مع الإبداع الرقمي. تتمتع بخبرة تزيد عن خمس سنوات في كتابة المحتوى الطبي باللغتين العربية والإنجليزية، وهي مكرسة لتبسيط المعلومات الطبية المعقدة وجعلها في متناول جمهور...

تواصل معنا

الموقع